حول الثقافة والمثقف (1)
محمد أبوالقاسم الككلي
الثقافة، مثقف، المشهد الثقافي، النخبة المثقفة، مشروع ثقافي، ،الخ هذه المفردات نكاد نطالعها بشكل يومي في معظم الكتابات دون الاتفاق على تعريف معنى ( الثقافة ) و ( مثقف ) وسبب هذا الاختلاف يعود إلى أن كلمة ( ثقافة ) محدثة في اللغة العربية
في مقاربة اشتقاقية كما جاء في موسوعة الفلسفة العربية تنتسب (ثقافة ) إلى فعل ثقف ،ويعني هذا الفعل – استعمالا لا وضعا – اكتساب الحذق والفهم، يقال عمرو امرؤ ثقف، أي فطين وذكي، بمعنى أنه واثق من معرفته لما يفعل أو لما يحتاج إليه ‘
والثقف : الحذق في إدراك الشيء وفعله، ومنه رجل ثقف لقف، يقال ثقفته اثقفته ثقفا، واثقفته اثقفه اثقافا، أي أدركته ببصري بحذق، ويستعمل في مجرد الإدراك ومنه قوله تعالى ( واقتلوهم حيث ثقفتموهم ) وقوله تعالى ( فإما تثقفنهم في الحرب ) من ذلك وثقفت الرمح قومته فهو مثقف والثقاف ما يثقف به، وفي حديث الغار ( وهو غلام ثقف لقف ) أي فطن ‘
والثقافة في معناها الضيق عملية تنمية بعض ملكات العقل عن طريق تدريبات مؤاتية وملاءمة، كما تعني استنتاجا ما هو حاصل بفعل هذه العملية ،أما بمعنى أوسع فهي صفة الشخص المتعلم الذي يكون قد انمى ذوقه وحسه النقدي وحكمه بواسطة الاكتساب، وأحيانا تستخدم للدلالة على عملية التربية المؤدية إلى اكتساب الصفات المذكورة سلفا ‘
وفي الألمانية والادبيات الأمريكية، تستعمل كلمة (ثقافة )مرادفا لكلمة ( حضارة ) إذ ذاك ينطوي مفهومها على معنيين اثنين : أحدهما ذاتي هو ثقافة العقل، والثاني وهو جملة الأحوال الاجتماعية والإنجازات الفكرية والفنية والعلمية، وأنماط التفكير والقيم السائدة، أي كل ما يتدواله الناس في حياتهم الاجتماعية من مكتسبات تحصل بالتناقل والتعلم، الا ان اللغة العربية تميز بوضوح بين ( الحضارة ) وهي الكلمة التي تدل على مجموعة المنجزات الاجتماعية و (الثقافة ) وهي الكلمة التي تحمل مضمونا تقريظيا لحالة التقدم العقلي وحده ‘
