كتاب الرائ

ليبقى القائد ويرحل الشعب !-

أحمد الغماري-

ليبقى القائد ويرحل الشعب !

أحمد الغماري

– من ذا الذي تسول له نفسه ويجرؤ على مجاراة القائد البطل، حامي الوطن، صائن مصالحه، المعلي من شأنه، المنحاز للضعفاء، سليّل الأشراف وكبار المجاهدين، البار بأهله وشعبه… إلخ. صورة نمطية عملت وسائل “البروباغندا” العربية لسنوات طوال على تسويغها لعقول الشعوب المقموعة، في حريتها، في قُّوتها، الذي لا يسد أحياناً رمق الجائعين.

أنظمة وصلت إلى الحكم بعد الاستقلالات منتصف القرن المنصرم، اختزلت السلطة في شخص القائد، الذي بدوره اختزل الوطن ومؤسساته في شخصه، كلامه قرارات وجب تنفيذها، بل دستوراً ينبغي تبجيله، يورثُ الحكم لمن شاء من أبنائه بعد وفاته، ولئن استطاع لأجلها إلى ما بعد التسعين من عمره. أُجلت مشاريع التنمية والديمقراطية، وأضحى المواطن لا يفرق بين مفهوم الوطن والدولة ومؤسساتها؛ وبين النظام الحاكم ومؤسساته، فقد اختلط عليه الأمر!.

ولأن دور الأحزاب قد حُجم وتحولت إلى واجهات “كرتونية”، علاوة على وأَد فكرة التداول السلمي على السلطة، واعتبار المطالبة بها خيانة وعمالة لقوى أجنبية، كان الزلزال الشعبي سنة 2011 الذي أطاح برؤوسها، وبمن استأثروا بالسلطة والثروة واختزلوا كيان الدولة في أشخاصهم. وطرح مفهوماً – يعدُ في بعض الدول – جديداً ، يكمن في بروز مصطلح التعددية السياسية والثقافية وحرية التعبير عبر التظاهر السلمي ووسائل الإعلام، برغم الفوضى التي اعترتها في الحالة الليبية.

لكل تغيير “قوى مناوئة” تحاول إيقافه والحد من تأثيره والعمل على إجهاضه – قدر الإمكان – والعودة به إلى الوضعية السابقة، وقد يعمل من بين أولئك الذين شاركوا في “التغيير” نحو الديمقراطية على استغلاله للإستحواذ على السلطة، وعودة حكم “القائد” بعد “مطالبات شعبية مصطنعة” بزعم الفوضى وفشل المسار الديمقراطي لصالح عودة الديكتاتورية الجديدة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى