كتاب الرائ

سهام‭ ‬سرقيوة‭ “‬النائبة‭ ‬الليبية‭ ‬المغيَّبة‭ ‬قسْراً‭”‬

سامية‭ ‬إبراهيم‭ ‬الجمل

سهام‭ ‬سرقيوة‭ “‬النائبة‭ ‬الليبية‭ ‬المغيَّبة‭ ‬قسْراً‭”‬
■‭ ‬‭ ‬سامية‭ ‬إبراهيم‭ ‬الجمل
في‭ ‬بلد‭ ‬الكتائب‭ ‬و‭ ‬الثكنات‭ ‬العسكرية‭ ‬قد‭ ‬ترى‭ ‬أو‭ ‬تسمع‭ ‬عن‭ ‬اعتقالات‭ ‬لنساء‭ ‬و‭ ‬ربما‭ ‬لأطفال‭ ‬و‭ ‬قد‭ ‬تتساءل‭ ‬عن‭ ‬الأسباب‭ ‬وراء‭ ‬ذلك‭ ‬و‭ ‬لكنك‭ ‬حتماً‭ ‬لن‭ ‬تجد‭ ‬إجابةً‭ ‬شافية‭ ‬تؤدي‭ ‬بك‭ ‬إلى‭ ‬فهم‭ ‬ما‭ ‬آلت‭ ‬إليه‭ ‬الأمور‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البلد؟‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لسهام‭ ‬سرقيوة‭ ‬النائبة‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬الليبي‭ ‬أي‭ ‬ذنبٍ‭ ‬يذكر‭ ‬إلا‭ ‬انتقادها‭ ‬لأفعال‭ ‬الجيش‭ ‬المزعوم‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬الشرقية‭ ‬بقيادة‭ ‬حفتر‭ ‬و‭ ‬أتباعه‭ ‬،‭ ‬سهام‭ ‬سرقيوة‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬عداد‭ ‬الموتى‭ ‬و‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يعلم‭ ‬مصيرها‭ ‬سوى‭ ‬من‭ ‬اعتقلوها‭ ‬و‭ ‬نفذوا‭ ‬العقاب‭ ‬فيها‭ ‬دون‭ ‬جريمة‭ ‬،‭ ‬اختفت‭ ‬سهام‭ ‬عن‭ ‬وجه‭ ‬الحقيقة‭ ‬و‭ ‬ركلوها‭ ‬بالتغييب‭ ‬و‭ ‬لم‭ ‬يتوانوا‭ ‬حتى‭ ‬عن‭ ‬إيذاء‭ ‬أفراد‭ ‬أسرتها‭ ‬الذين‭ ‬بدورهم‭ ‬لم‭ ‬يستطيعوا‭ ‬أن‭ ‬يستنكروا‭ ‬ما‭ ‬حصل‭ ‬معهم‭ ‬و‭ ‬لم‭ ‬يصدر‭ ‬عنهم‭ ‬أي‭ ‬تصريح‭ ‬يذكر‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬لصاحبة‭ ‬الأسرة‭ ‬و‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الليلة‭ ‬الشعواء؟‭ ‬تعرضت‭ ‬سهام‭ ‬سرقيوة‭ ‬إلى‭ ‬التعنيف‭ ‬بالتأكيد‭ ‬و‭ ‬تعرض‭ ‬منزلها‭ ‬و‭ ‬أسرتها‭ ‬إلى‭ ‬أشد‭ ‬أنواع‭ ‬الأذى‭ ‬النفسي‭ ‬و‭ ‬الجسدي‭ ‬،‭ ‬وقد‭ ‬دفعت‭ ‬سهام‭ ‬كمرأة‭ ‬ثمن‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬باهظاً‭ ‬وهو‭ ‬حريتها‭ ‬الشخصية‭ ‬و‭ ‬الاحتمال‭ ‬الأكبر‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬قد‭ ‬دفعت‭ ‬حياتها‭ ‬ثمناً‭ ‬لذلك‭ ‬،‭ ‬نحن‭ ‬وبالتكتم‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة‭ ‬النكراء‭ ‬بحق‭ ‬النائبة‭ ‬وما‭ ‬لحقها‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬بأيدي‭ ‬من‭ ‬يسمون‭ ‬أنفسهم‭ ‬جيش‭ ‬نظامي‭ ‬نساهم‭ ‬بصمتٍ‭ ‬عارٍ‭ ‬و‭ ‬صارخ‭ ‬عن‭ ‬كشف‭ ‬الحقيقة‭ ‬و‭ ‬نساعد‭ ‬نُباش‭ ‬القبور‭ ‬في‭ ‬مواصلة‭ ‬جرائمهم‭ ‬بحق‭ ‬من‭ ‬يقولون‭ ‬الحقيقة‭ ‬بحق‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬في‭ ‬سدة‭ ‬الحكم‭ ‬و‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬يعبرون‭ ‬بآرائهم‭ ‬في‭ ‬صفحاتهم‭ ‬الشخصية‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬سيجدون‭ ‬أنفسهم‭ ‬عرضة‭ ‬للانتقام‭ ‬و‭ ‬الاعتقال‭ ‬،‭ ‬إنها‭ ‬سياسة‭ ‬تكميم‭ ‬الأفواه‭ ‬و‭ ‬الترهيب‭ ‬الإجباري‭ ‬و‭ ‬تقويض‭ ‬الأقلام‭ ‬و‭ ‬الألسن‭ ‬و‭ ‬منع‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬،‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬اقترفته‭ ‬النائبة‭ ‬ليكون‭ ‬مصيرها‭ ‬هكذا؟‭ ‬أين‭ ‬هي‭ ‬الآن؟‭ ‬و‭ ‬لماذا‭ ‬لم‭ ‬تبدأ‭ ‬التحقيقات‭ ‬المحلية‭ ‬و‭ ‬الدولية‭ ‬عن‭ ‬سبب‭ ‬اختفائها‭ ‬و‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬تعرضت‭ ‬له‭ ‬و‭ ‬ما‭ ‬أّلم‭ ‬بها‭ ‬بعد‭ ‬تلك‭ ‬التصريحات‭ ‬على‭ ‬القناة‭ ‬التلفزيونية‭ ‬التابعة‭ ‬لأنصار‭ ‬حفتر؟‭ ‬وما‭ ‬الرابط‭ ‬بين‭ ‬تصريحاتها‭ ‬و‭ ‬اعتقالها؟‭ ‬

المرأة‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬تعاني‭ ‬بكل‭ ‬معنى‭ ‬الكلمة‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬تقدر‭ ‬ميزانيتها‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬45‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬سنوياً‭ ‬،‭ ‬فنراها‭ ‬تقف‭ ‬في‭ ‬طوابير‭ ‬طويلة‭ ‬أمام‭ ‬البنوك‭ ‬لتحصل‭ ‬على‭ ‬فُتات‭ ‬مال‭ ‬ونراها‭ ‬في‭ ‬طوابير‭ ‬المحال‭ ‬التجارية‭ ‬لتحصل‭ ‬على‭ ‬فتات‭ ‬خبز‭ ‬و‭ ‬نراها‭ ‬حتى‭ ‬أمام‭ ‬بيوت‭ ‬الله‭ ‬تطلب‭ ‬العون‭ ‬من‭ ‬مرتادي‭ ‬المساجد‭ ‬وهي‭ ‬تحمل‭ ‬طفلاً‭ ‬لا‭ ‬حول‭ ‬له‭ ‬ولا‭ ‬قوة‭ ! ‬ونراها‭ ‬ممن‭ ‬تسلب‭ ‬منها‭ ‬الحقوق‭ ‬كافة‭ ‬حقاً‭ ‬بعد‭ ‬حق‭ ‬وهي‭ ‬تئن‭ ‬ولا‭ ‬مناص‭ ‬من‭ ‬العيش‭ ‬بذل‭ ‬في‭ ‬وطن‭ ‬مسلوب‭ ‬من‭ ‬اهتم‭ ‬لأمر‭ ‬الثكالى؟‭ ‬من‭ ‬التفت‭ ‬لأمهات‭ ‬أبناء‭ ‬الجبهات‭ ‬الذين‭ ‬يقارعون‭ ‬الصقيع‭ ‬والعدو‭ ‬في‭ ‬آن؟‭ ‬من‭ ‬التفت‭ ‬للنازحات‭ ‬والمهجرات‭ ‬من‭ ‬بيوتهن‭ ‬وهن‭ ‬يعانين‭ ‬الأمرين‭ ‬لتوفير‭ ‬سبل‭ ‬العيش‭ ‬لهن‭ ‬ولأبنائهن‭ ‬؟‭ ‬الشريحة‭ ‬النسوية‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬غيبت‭ ‬جميعها‭ ‬قسراً‭ ‬وما‭ ‬سهام‭ ‬سرقيوة‭ ‬إلا‭ ‬مثال‭ ‬حي‭ ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬ميت‭ ‬يسرد‭ ‬بقايا‭ ‬ما‭ ‬تعيشه‭ ‬نساء‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬من‭ ‬معاناة‭ ‬،‭ ‬الوطن‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬تتساو‭ ‬فيه‭ ‬المرأة‭ ‬مع‭ ‬الرجل‭ ‬لا‭ ‬في‭ ‬الحقوق‭ ‬ولا‭ ‬الواجبات‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬العيش‭ ‬بسلم‭ ‬وسلام‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬لها‭ ‬صوت‭ ‬يُسمع‭ ‬أو‭ ‬منصب‭ ‬يُذكر‭ .‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى