كتاب الرائ

علاك‭ ‬الشيب‭ .. ‬فاتعظ‭ !‬

‭ ‬الصغير‭ ‬بلقاسم‭ ‬

كلنا‭ ‬يحترم‭ ‬المتقدم‭ ‬في‭ ‬السن‭ ‬ذي‭ ‬الشيب‭ ‬كما‭ ‬أمرنا‭ ‬ديننا‭ ‬الحنيف‭ ‬وعاداتنا‭ ‬الطيبة‭ ‬التي‭ ‬توافقه‭ ‬وتؤيدة‭ .‬
نجلُ‭ ‬ونقّدر‭ ‬كبار‭ ‬السن‭ ‬ونوقرهم‭ ‬لهيبتهم‭ ‬ووقارهم‭ ‬وبهاء‭ ‬مظهرهم‭ ‬وخبرتهم‭ ‬ورجاحة‭ ‬عقولهم،‭ ‬وهم‭ ‬قدوتنا‭ ‬ومراجعنا‭ ‬في‭ ‬الرأي‭ ‬السديد‭ ‬علينا‭ ‬احترامهم‭ ‬ولو‭ ‬كانوا‭ ‬لا‭ ‬يمتٌون‭ ‬إلينا‭ ‬بصلة‭ ‬في‭ ‬الدم‭ ‬أو‭ ‬الرحم‭ ‬أو‭ ‬السكن‭ ‬ما‭ ‬وسعنا‭ ‬الوقت‭ ‬والجهد‭ ‬ومساعدتهم‭ ‬وإعانتهم‭ ‬على‭ ‬أمور‭ ‬الحياة‭ ‬أسهلها‭ ‬وأصعبها‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬يتفق‭ ‬فيه‭ ‬الجميع‭ ‬قولاً‭ ‬وفعلاً‭ ” ‬رب‭ ‬إني‭ ‬وهن‭ ‬العظم‭ ‬مني‭ ‬وأشتعل‭ ‬الرأس‭ ‬ولم‭ ‬أكن‭ ‬بدعائك‭ ‬رب‭ ‬شقياً‭” ‬ولو‭ ‬أخطاء‭ ‬بعض‭ ‬المسنين‭ ‬فيجب‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬الإحسان‭ ‬إليهم‭ ‬ومعونتهم‭ ‬لأن‭ ‬هناك‭ ‬منهم‭ ‬من‭ ‬لم‭ ‬يحترم‭ ‬نفسه‭ ‬وعمره‭ ‬والشيب‭ ‬الذي‭ ‬علا‭ ‬ذوائبه‭ ‬ويأتي‭ ‬من‭ ‬التصرفات‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يتماشَ‭ ‬مع‭ ‬عمره‭ ‬الذي‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬موضع‭ ‬يفرض‭ ‬عليه‭ ‬تصرفات‭ ‬ترتقي‭ ‬إلى‭ ‬سنة‭ ‬وتعبّر‭ ‬عن‭ ‬مكانته‭ ‬العالية‭ ‬التي‭ ‬وضعتها‭ ‬فيها‭ ‬سنه‭ ‬وتقدم‭ ‬عمره‭ ‬حيث‭ ‬التصرفات‭ ‬السمجة‭ ‬لا‭ ‬تتناسب‭ ‬مع‭ ‬تقدم‭ ‬العمر‭ ‬وسن‭ ‬الشيخوخة‭ ‬الموقرة‭ ‬وتستوجب‭ ‬الاحترام‭ ‬والتقدير‭ ‬من‭ ‬الشيخ‭ ‬المسن‭ ‬قبل‭ ‬غيره‭ ‬والتصرفات‭ ‬التي‭ ‬يأتي‭ ‬بها‭ ‬بعضهم‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬القول‭ ‬المذموم‭ ‬والنابي‭ ‬لا‭ ‬يتورع‭ ‬قائلة‭ ‬أن‭ ‬يقوله‭ ‬في‭ ‬أهل‭ ‬بيته‭ ‬كزوجه‭ ‬وبناته‭ ‬بالألفاظ‭ ‬يُضحك‭ ‬به‭ ‬الآخرين‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يدري‭ ‬ليظهر‭ ‬لهم‭ ‬أن‭ ‬له‭ ‬روح‭ ‬شبابية‭ ‬وهو‭ ‬متحرر‭ ‬لا‭ ‬يبالي‭ ” ‬ميعدلش‭ ” ‬ويهتك‭ ‬ستار‭ ‬أهل‭ ‬بيته‭ ‬بألفاظ‭ ‬نابية‭ ‬يندى‭ ‬لها‭ ‬الجبين‭ ‬يخجل‭ ‬عاقل‭ ‬الشباب‭ ‬أن‭ ‬يرددها‭ !‬
إن‭ ‬التوبة‭ ‬من‭ ‬ذي‭ ‬الشيبة‭ ‬عظيمة‭ ‬ومن‭ ‬الشاب‭ ‬أعظم‭ ‬وإن‭ ‬المعصية‭ ‬من‭ ‬الشاب‭ ‬قبيحة‭ ‬ومن‭ ‬ذي‭ ‬الشيبة‭ ‬أقبح‭ ” ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الشيب‭ ‬عيب‭ ” ‬أي‭ ‬أن‭ ‬وجود‭ ‬الشيب‭ ‬وظهوره‭ ‬في‭ ‬الإنسان‭ ‬عادة‭ ‬يمنع‭ ‬ويردع‭ ‬صاحبه‭ ‬من‭ ‬فعل‭ ‬العيب‭ ‬وبظهوره‭ ‬ينبه‭ ‬إلى‭ ‬وجوب‭ ‬الوقوف‭ ‬ومراجعة‭ ‬النفس‭ ‬وهو‭ ‬دعوة‭ ‬إلى‭ ‬التأمل‭ ‬وتعديل‭ ‬السلوك‭ ‬إذا‭ ‬لزم‭ ‬الأمر‭ ‬وكفى‭ ‬به‭ ‬واعظاً‭ ‬ومعلماً‭ ‬وناصحاً‭ ‬إن‭ ‬من‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬ينظر‭ ‬إليهم‭ ‬الله‭ ‬يوم‭ ‬القيامة‭ ‬ولا‭ ‬يعيرهم‭ ‬اهتماماً‭ ‬شيخ‭ ‬زانٍ،‭ ‬شيخ‭ ‬في‭ ‬العقد‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬عمرها‭ ‬كان‭ ‬يتبادل‭ ‬الألفاظ‭ ‬النابية‭ ‬مع‭ ‬شباب‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬أبنائه‭ ‬في‭ ‬محل‭ ‬العمل‭ ‬سألته‭ ‬لماذا‭ ‬تفعل‭ ‬ذلك‭ ‬مع‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬في‭ ‬عمر‭ ‬أبنائك‭ ‬؟‭ ‬قال‭ ‬لي‭ ‬هم‭ ‬بدأوا‭ ‬فقلت‭ ‬له‭ ‬أنا‭ ‬في‭ ‬سنهم‭ ‬ولم‭ ‬يقولوا‭ ‬لي‭ ‬ذلك‭ ‬قال‭ ‬سأتوقف‭ .. ‬ولم‭ ‬يفعل‭ !‬
وهناك‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأفعال‭ ‬والمواقف‭ ‬فتجد‭ ‬كبار‭ ‬السن‭ ‬الذين‭ ‬تعلوهم‭ ‬علامات‭ ‬وسمات‭ ‬الشيخوخة‭ ‬التي‭ ‬تدعوك‭ ‬لاحترامهم‭ ‬وتقديرهم‭ ‬ولكن‭ ‬إذا‭ ‬تكلموا‭ ‬أو‭ ‬أثيروا‭ ‬تسمع‭ ‬منهم‭ ‬ما‭ ‬يخالف‭ ‬مظاهرهم‭ ‬وأعمارهم‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬عنادهم‭ ‬لأولادهم‭ ‬في‭ ‬البيوت‭ ‬ومع‭ ‬الجيران‭ ‬وفي‭ ‬المساجد‭ ‬والأماكن‭ ‬العامة‭ ‬لا‭ ‬يرعوون‭ ‬عن‭ ‬السلوك‭ ‬الشائن‭ ‬ولا‭ ‬يرعون‭ ‬لمن‭ ‬حولهم‭ ‬ولمن‭ ‬جالسهم‭ ‬أي‭ ‬اعتبار‭ ‬ولا‭ ‬مكانة‭ ‬ولا‭ ‬حظوة‭ ‬ولا‭ ‬احترام‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬اللباس‭ ‬لا‭ ‬يرتدون‭ ‬الملابس‭ ‬المحترمة‭ ‬والمحتشمة‭ ‬أمام‭ ‬أبنائهم‭ ‬وبناتهم‭ ‬والتي‭ ‬قد‭ ‬تظهر‭ ‬منهم‭ ‬ما‭ ‬لايجب‭ ‬أن‭ ‬يظهر‭ ‬تصوروا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬نهر‭ ‬أحفاده‭ ‬عن‭ ‬مناداته‭ ” ‬ياجدّي‭ ” ! ‬وكأنه‭ ‬يريد‭ ‬إلا‭ ‬يكبر‭ ‬ولا‭ ‬يفصح‭ ‬عن‭ ‬عمره‭ ‬الحقيقي‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬دارج‭ ‬عند‭ ‬النساء‭ ‬وهو‭ ‬التخلف‭ ‬بعينه‭ ‬فهل‭ ‬ذكر‭ ‬العمر‭ ‬الحقيقي‭ ‬يزيد‭ ‬أو‭ ‬ينقص‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬السنين‭ ‬؟‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬سردناه‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬كبار‭ ‬السن‭ ‬فعلينا‭ ‬بالنصح‭ ‬وتحمّلهم‭ ‬وخاصة‭ ‬الوالدين،‭ ‬والكبر‭ ‬والشيب‭ ‬ليسا‭ ‬عيباً‭ ‬بل‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يراه‭ ‬رونقاً‭ ‬وجمالاً‭ .‬
عيّرتني‭ ‬بالشيب‭ ‬وهو‭ ‬وقار
ليتها‭ ‬عيرّت‭ ‬بما‭ ‬هو‭ ‬عار
إن‭ ‬تكن‭ ‬شابت‭ ‬الذوائب‭ ‬مني
فالليالي‭ ‬تزينها‭ ‬الأقمار‭ .‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى