التي تجسدت في فعاليات معرض القاهرة للكتاب ..
البيروقراطية تفسد عرس اللحمة الوطنية !!
ادريس ابوالقاسم..
كانت ومازالت جهود الهيئة العامة للثقافة والمجتمع المدني تسير بكل حماس في اتجاه واحد مفعم بالوطنية ، والرغبة الصادقة في لم شتات الوطن ، عبر استثمار كل المناسبات المحلية والعربية لهذه الغاية النبيلة بالدعوة للنخب الثقافية والفنية والأكاديمية من كافة ربوع ليبيا لحضور هذه الفعاليات ، وكانت نتائج هذا الجهد الكبير في معانيه ومضامينه ظاهرة للعيان ، فهي لم تترك للزمن أن يبلور القطيعة ويرسخ النسيان والتباعد .
الهيئة العامة للثقافة رسالتها واضحة ، ومكتوبة بحروف مدادها المحبة التي لاترى ليبيا إلا دولة واحدة موحدة ترفض المفهوم البائس ” أنت من وين ” وتعانق ” أنا ليبي ” بكل الحب .
وكانت الهيئة العامة للثقافة تتوقع من باقي القطاعات ، وممن بأيديهم مفاتيح الحل والربط أنهم مؤمنين بذات الرؤى التي ترسم صورة جميلة تسلب الألباب ، وتقفل كل باب يدخل منه ريح الخراب .
لكن هذه الرؤية الحالمة تحطمت أكثر من مرة أمام بيروقراطية تلك الجهات ، وفي كل مرة الناس الطيبة توجد لهؤلاء بدل الدريعة عشرة ، وتتخطى المطبات بكل عفوية تحت بند ” لعل وعسى ” .
وكانت أخر هذه المطبات التي مازالت تسد الطريق حتى اللحظة أمام الزخم الكبير الذي شهدته مشاركة ليبيا في فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب .
الهيئة العامة للثقافة التي تلقت الضوء الأخضر لمشاركة متميزة لليبيا بمناسبة العيد الذهبي لمعرض القاهرة للكتاب ، عملت على هذا الأساس كي توصل للعالم أجمع أن ليبيا بخير رغم الأوجاع التي تلم بها بين حين وآخر . كانت الهيئة تحلم بمشاركة فرائحية تلبس ثوب ليبيا الواحدة من شرقها لغربها لجنوبها ، وجاء المدعوين وفي جنباتهم ذات الرؤى ، وكان لقاء النخب الثقافية والفنية والعلمية من كافة انحاء ليبيا في ردهة واحدة، اليد باليد والبشاشة والابتسامات ترتسم على الوجوه تتويجا مبدئيا لتلك الجهود .
لكن البيروقراطية واللامبالاة التي يتسيطر على أداء مؤسسات خدمية في الداخل والخارج ، لابد لها من أن تفسد مسار الجهود الخيرة ، بافتراض حسابات غاية في السوء ، وتعبر عن ضحالة أفكارهم حيال ما يمكن أن تقدمه الثقافة من حلول لمعضلات كثيرة .
خلاصة ما فعلته هذه البيروقراطية المقيتة من إفساد لجهد كبير ومهم لايحتمل التأجيل ، أن الوفد الليبي الذي يضم أسماء كبيرة لها عطاء كبير ، كتاب وصحفيين وفنانين وأساتذة أجلاء في معظم الجامعات الليبية لم يلقى أية بادرة ترحيب أو دقائق مجاملة ممن يجلسون على كراسي المندوبية الليبية بجامعة الدول العربية التي هي ضيفة شرف في هذه الدورة ” . الهيئة العامة للثقافة كبرت بها ، وهي ولا على بالها !! ” و السفارة الليبية هي الأخرى ” عملت أذن من طين وأخرى من عجين ” ترتب عليه الاستهانة بالوفد الليبي وعدم تكليف من يستقبله بمطار الاسكندرية ، الأمرالذي أفضى لمنع رئيسه من الدخول لمدة تزيد عن أربع ساعات بلا مبرر منطقي !!؟، وهو ماترتب عليه ضياع حقيبة ملابسه في ظروف غير مفهومة !! ، إلى جانب عدم استطاعة عدد كبير من أعضاء الوفد ممن هم دون سن الخامسة والأربعين على المجيء ، وهو ما تسبب في إفساد ترتيبات كثيرة كانت ستصاحب فعاليات هذا المعرض، رغم مراسلات الهيئة العامة للثقافة بشأن التأشيرة لهؤلاء منذ شهر تقريبا !!
ونتيجة لتأخر السفارة والمندوبية لمد يد العون المعنوي والمادي في حدود الإمكانيات المتاحة تخلخلت الترتيبات المعدة لمشاركة ليبيا مميزة .
وقبل هذه العثرة التي لاتمثل إلا الجزء اليسير من كم الانكسارات وجرعات الإحباط التي تلقتها الهيئة العامة للثقافة ، كان المطب الكبير الذي وضعه المجلس الرئاسي أمام مقومات مشاركة ليبيا ناجحة ، حيث حضرت الموافقة بالمشاركة ، وتلكأت الإجراءات المالية اللازمة لتغطية النفقات التسييرية لها وراء لا مبالاة من أوكل إليهم إنجازها ، لتجد الهيئة العامة للثقافة ورئيسها في وضع لا يحسد عليه ، كانت إحدى نتائجه المرة بقاء أساتذة أجلاء وشخصيات ثقافية وفنية ذات قيمة مهنية واجتماعية عالية في الشارع حتى ساعات متأخرة من الليل تنتظر الفرج من عند الله !! ولتضع السيد حسن أونيس رئيس الهيئة في وضع صعب ومحرج جدا ، كي ينهي أزمة تسكين الوفد بمشقة والتزامات شخصية .
وللأسف يبدو أن المثل القائل ” اللي مايعرف الطير الحر يشويه ” هو ديدن من أوكلت أليهم مهام أكبر من قدراتهم ، ليضعوا أسم ليبيا الكبير في الزاوية الضيقة جراء لا مبالاتهم وسوء تقديرهم للأمور .
