كتاب الرائ

غيّروا ما بأنفسكم أولاً

الهادي الورفلي

متون .. وهوامش

غيّروا ما بأنفسكم أولاً

■ الهادي الورفلي

يقول الخبر ” أن عاملاً صينياً يعمل في أحد مصانع الأحذية قد انتحر ” أما لماذا انتحر ؟ .. فبسبب بسيط في ظاهره ، وعميق جداً في جوهره .. انتحر بسبب “الروتين” ، فهذا العامل مكلف بقطع خيط ناتج عن خطأ مصنعي من كل حذاء يمر أمامه على خط الإنتاج بواسطة مقص في يده .. نعم لقد قتله ” الروتين ” والتكرار ، والملل .. إلى هنا انتهى خبر العامل الصيني .. لكننا أمام أخبار أخرى تهمنا نحن المليئة حياتنا ” بالروتين” والتكرار ، والإحباط والملل ..
في الحقيقة كثيرة هي المشاهد التي تمر أمامنا يومياً المزدحمة ” بالروتين ” والملل والتكرار ، والإحباط ، حتى أن هذه المشاهد صارت من المعتاد اليومي الذي نمارسه ، ونتآلف معه .. ، وصرنا نتحرك ، ونمشي ، ونعمل ، ونعيش بطريقة ” ميكانيكية ” لا إبداع فيها .. ، طريقة منزوعة الإبداع .. ، قليلون جداً الذين يحدثونك عن ” كسر الروتين ” أو عن التجديد في الحياة .. حتى صارت حياة الكثيرين أشبه بالقنوات التي يجري فيها الماء في نفس الاتجاه وبنفس السرعة ، ولذات الهدف .. فلا جديد يذكر في هذا السياق .. حياة خاملة مليئة فقط بالشكوى .. والوهن ، والتكرار .. فالموظف لايحب وظيفته وهو فقط ” مضطر ” لممارستها .. وكذلك العامل والطالب ، والبائع ، والمعلم ، والحرفي .. كلهم غارقون في الملل .. والروتين .. والامتعاض والكآبه .. لماذا ؟ فقط لأنهم جميعاً يمتهنون ” التكرار ” وهو نفس التكرار الذي دفع ذلك العامل الصيني للانتحار .. ما المخرج من هذه الحالة النفسية التى تفنينا دون أن ندري ؟ .. الجواب لايبتعد كثيراً عن علم النفس .. إن علينا أن نجدد من أساليبنا في الحياة وأن نجدد في القديم منها .. ، وأن نطور في الوسائل المستعملة .. ، وأن نسعى في تطوير أنماط العيش .. ، وأن نجعل من الحياة فناً مميزاً بأكبر مساحة من ” الكوميديا ” علينا أن نعيد أكتشاف أدوارنا من جديد .. أن نذهب إلى الوظيفة بفرح ، ورغبة ، وحرص على الأداء المثالي لعملنا .. ، على الطالب والعامل والمعلم ، والحرفي أن يحبوا أعمالهم ، وحرفهم وأدوارهم ، والنظر إليها كعامل مهم في تطوير الحياة .. وليس فقط كمصدر رزق .. ، علينا أن نتعلم كيف نكون سعداء حتى في أصعب الظروف ، وكيف نجدد في كل مرة من أساليبنا ، ووسائلنا ، وطرق تفكيرنا ونؤمن بقدراتنا الذاتية على انجاز كل ذلك .. بدل الاستسلام للملل والروتين .. غيّروا ما بأنفسكم أولاً حتى يغير الله ما بكم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى