كتاب الرائ

الصحة في الاتجاه المعاكس

د.علي المبروك ابوقرين

النظام الصحي الليبي له مقومات مشتتة ، والأكثر أنفاقًا على مستوى الإقليم وافريقيا ، والاسواء مخرجات ونتائج ، وتراجعت جميع مستويات الخدمات الصحية ، وبشكل أغلى فاتورة إنفاق من الجيب في خدمات لا جدوى منها ، ومؤدية وضارة في معظمها ، مما يهدد صحة وحياة الناس جميعًا ، والتحديات الصحية تتعاظم ، والحروب والصراعات مدمرة ، والكوارث الطبيعية والأزمات الصحية متعددة ، والأوضاع الصحية في بلادنا سيئة جدا ، ومعدلات متوسط الأعمار للناس في الاتجاه المعاكس وتتناقص ، والقطاع الصحي يقع عليه العبء الأكبر وواقعه متدهور ، والنظام الصحي يحتاج للكثير إن تبقى منه شئ بعد ما تفتت ، وقامت على أنقاضه إمبراطوريات تخدم أصحابها وتفاقم من أزمات الصحة ، والمعروف أن الاستعداد لمواجهة التحديات والقدرة على الاستجابة والمرونة والتدخل السريع يقلل الأضرار ، ويجنب الكثير من المخاطر ، ويحافظ على حياة الناس ، وحتى لانقف عاجزين ونضطر لاستجداء العون ، من ضرر سيول أو زلازل أو جائحة أو حرب لا قدر الله ..
يتطلب إعادة النظر في النظام الصحي وهيكليته وسياساته بما يحقق جميع المحددات الصحية والاجتماعية ، ويعكس قوةً وتماسك النظام الصحي ، دون الحاجة لهذا التفتيت والهيئات والمؤسسات والمراكز التخصصية والادارات الموازية ، ويحتاج لرصد الميزانيات اللازمة والكافية والمستمرة للقطاع الصحي بشفافية ومحاسبة وحوكمة ، وحشد القوى العاملة الصحية بأعداد كبيرة ، وتكثيف التدريب والتأهيل لها ، وتنظيم أوضاعها الإدارية والمالية ، وفق الملاكات والتوصيف الوظيفي وتسلسل وتكامل الخدمات من الاستباقية والتعزيزية إلى التأهلية مع عدم الجمع بين العام والخاص خدمة واستثمار ، وضرورة التجهيز الكامل للنظام الصحي بكل ما يلزم للتعامل الطبي مع التحديات الصحية والكوارث والازمات والحروب مهما كانت شدتها وطالت مدتها ..
وعلى الجهات المسؤولة العمل على زيادة الاستثمار في الصحة والتعليم والتدريب الطبي ، وليس التربح من الصحة والمتاجرة في المرضى وطلبة العلم ، وضرورة توطين المعرفة والعلوم الطبية من مصادرها الحقيقية ، وليس بالاجتهادات التجارية والشيتات والدروس الخصوصية والشهادات الدولارية ، والاجسام التعليمية القزمية ، ودعم البحوث والدراسات العلمية الطبية والصحية ، وتوطين الصناعات الطبية والدوائية بما يكفل الاكتفاء الذاتي ، وضرورة سلطة الدولة على الدواء بالكامل وتنفيذ سلاسل الامداد الطبي المغلقة ، وتوطين العلاج بكل إمكانياته المعرفية والتكنولوجية وليس مكاتب تسفير المرضى ، وضرورة مضاعفة القوى العاملة الصحية بما يغطي النقص الحاد في الأعداد والتخصصات والكفاءات المؤهلة لتحقيق أعلى المعدلات المطلوبة عالميًا ، وزيادة السعات السريرية عددًا وتخصصات بما يتناسب مع عدد السكان ويحقق أعلى المؤشرات الدولية ، وليبيا في حاجة لضعفين مما لديها من الأطباء الآن وبتأهيل وتدريب عالي ، في مستشفيات تعليمية وتدريبية معتمدة ومطابقة لجميع شروط التعليم والتدريب السريري الدولي ، وفي حاجة لأكثر من ضعفين من التمريض عددا بمستوى تعليم وتدريب وتأهيل عالي بمعاهد عليا حقيقية وكليات جامعية وليس اقل من ذلك ، ووضع برامج علمية ومهنية جادة لرفع كفاءة جميع العاملين بالقطاع الصحي وإعادة التقييم ، مع ضرورة الدعم الكامل للهيئات والمؤسسات الإنسانية كالهلال الأحمر وفرق الإنقاذ والإخلاء الطبي وتعظيم أدوارهم الإنسانية لما لدورهم الأساسي والفاعل والداعم للقطاع الصحي ..
الصحة الدرع الواقي والحامي والمنقذ في السلم والحرب
الصحة عمل إنساني والمتاجرة فيها وبها سلوك غير إنساني ويتعارض مع القيم والمبادئ والأخلاق
.لا لتسليع الصحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى