كتاب الرائ

‭”‬كورونا‭” ‬والعالم‭ .. ‬ونحن‭ !‬

فيصل الهمالي

‭”‬كورونا‭” ‬والعالم‭ .. ‬ونحن‭ !‬
دبابيس

فيصل الهمالي

بينما‭ ‬تنشغل‭ ‬فرق‭ ‬مراكز‭ ‬البحوث‭ ‬الطبية‭ ‬والعلاجية‭ ‬في‭ ‬الصين‭ ‬لمعرفة‭ ‬مصدر‭ ‬وأسباب‭ ‬ظهور‭ ‬فيروس‭ “‬كورونا‭” ‬الجديد‭ ‬بالطرق‭ ‬والاساليب‭ ‬العلمية‭ ‬،‭ ‬تنصرف‭ ‬فرق‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬العقول‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬خط‭ ‬موازٍ‭ ‬لدراسته‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الروحانية‭ ‬،‭ ‬فسجلت‭ ‬بذلك‭ ‬تفوقاً‭ ‬منقطع‭ ‬النظير،‭ ‬كيف‭ ‬لا‭ ‬وهم‭ ‬اصحاب‭ ‬اكتشاف‭ ‬فوائد‭ ‬بول‭ ‬البعير‭ . ‬فمنهم‭ ‬من‭ ‬أعلن‭ ‬جازماً‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬الوباء‭ ‬عقوبة‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬انزلها‭ ‬على‭ ‬الصين‭ ‬لما‭ ‬اقترفه‭ ‬نظامها‭ ‬السياسي‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬اضطهاد‭ ‬للأقليات‭ ‬المسلمة‭ ‬فيها‭ ‬،‭ ‬فيما‭ ‬ذهب‭ ‬أخرون‭ ‬بأن‭ ‬أكل‭ ‬الصينيين‭ ‬لحيوانات‭ ‬وحشرات‭ ‬حرّمها‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬بني‭ ‬البشر‭ ‬هو‭ ‬السبب‭ !!‬
وبغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬احتمال‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬الفيروس‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬بيولوجية‭ ‬تستهدف‭ ‬ضرب‭ ‬اقتصاد‭ ‬الصين‭ ‬؛‭ ‬بعد‭ ‬احتدام‭ ‬المواجهة‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬عجزت‭ ‬عن‭ ‬التغلب‭ ‬على‭ ‬منافسها‭ ‬القوي‭ ‬بالطرق‭ ‬الشرعية‭ ‬،‭ ‬فإن‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬التي‭ ‬تتمتع‭ ‬بإحساس‭ ‬عالٍ‭ ‬بالمسؤولية‭ ‬تجاه‭ ‬شعوبها‭ ‬والانسانية‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭ ‬،‭ ‬قد‭ ‬استنفرت‭ ‬طاقاتها‭ ‬البشرية‭ ‬من‭ ‬علماء‭ ‬وأطباء‭ ‬وبحاث‭ ‬وأطقم‭ ‬تمريض‭ ‬وما‭ ‬في‭ ‬حكمهم‭ ‬،‭ ‬للوقوف‭ ‬في‭ ‬خندق‭ ‬واحد‭ ‬لمواجهة‭ ‬هذا‭ ‬الوباء‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬يطرق‭ ‬أبوابها‭ ‬بعد،‭ ‬إيماناً‭ ‬منها‭ ‬بمبدأ‭ ‬الشراكة‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الارض‭ ‬ودورها‭ ‬في‭ ‬التصدي‭ ‬لأي‭ ‬خطر‭ ‬يهدد‭ ‬البشرية‭ ‬جمعاء‭ ‬،‭ ‬متجاوزين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬الحرج‭ ‬،‭ ‬أية‭ ‬خلافات‭ ‬سياسية‭ ‬او‭ ‬اقتصادية‭ ‬قد‭ ‬تعيق‭ ‬مساعي‭ ‬المتخصصين‭ ‬لبلوغ‭ ‬الهدف‭ ‬الانساني‭ ‬المنشود‭ .‬
مؤخراً‭ ‬أعلنت‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬حالة‭ ‬الطوارئ‭ ‬،‭ ‬وطالبت‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬أجمع‭ ‬رفع‭ ‬درجات‭ ‬التأهب‭ ‬والاستعداد‭ ‬لمواجهة‭ ‬هذا‭ ‬الخطر‭ ‬الذي‭ ‬بات‭ ‬يقترب‭ ‬لأن‭ ‬يكون‭ ‬جائحة‭ ‬،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬أغلب‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬هذا‭ ‬الإعلان‭ ‬،‭ ‬فقد‭ ‬قامت‭ ‬بما‭ ‬يتوجب‭ ‬عليها‭ ‬القيام‭ ‬به‭ ‬بخطى‭ ‬واثقة‭ ‬ومدروسة‭ ‬،‭ ‬وأهمها‭ ‬التوعية‭ ‬والرفع‭ ‬من‭ ‬مستوى‭ ‬الإحساس‭ ‬بالمسؤولية‭ ‬لدى‭ ‬عامة‭ ‬الشعب‭ ‬،‭ ‬خصوصاً‭ ‬وأن‭ ‬مكافحة‭ ‬هذا‭ ‬الوباء‭ ‬مسؤولية‭ ‬تضامنية‭ ‬،‭ ‬تشترك‭ ‬فيها‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬والمواطن‭ ‬الذي‭ ‬ربما‭ ‬تقع‭ ‬على‭ ‬عاتقه‭ ‬المسؤولية‭ ‬الأكبر‭ ‬،‭ ‬فزمن‭ ‬حضانة‭ ‬الفيروس‭ ‬تمتد‭ ‬بين‭ ‬اليوم‭ ‬والاربعة‭ ‬عشر‭ ‬يوماً‭ ‬،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تبدأ‭ ‬الأعراض‭ ‬في‭ ‬الظهور‭ ‬على‭ ‬المصاب‭ ‬،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬أمر‭ ‬اكتشافه‭ ‬مستحيلاً‭ ‬في‭ ‬بادئ‭ ‬الأمر،‭ ‬إلا‭ ‬لو‭ ‬أحس‭ ‬المصاب‭ ‬ببعض‭ ‬الأعراض‭ ‬وسارع‭ ‬للكشف‭ ‬المبكر‭ .‬
وبعيداً‭ ‬عن‭ ‬التهويل‭ ‬والتضخيم‭ ‬،‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬يتضاعف‭ ‬حجم‭ ‬التحدي‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬بقية‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬الغنية‭ ‬منها‭ ‬أو‭ ‬الفقيرة‭ ‬،‭ ‬تحدٍٍ‭ ‬يضع‭ ‬الجهات‭ ‬المختصة‭ “‬أعانها‭ ‬الله‭ “‬على‭ ‬المحك‭ ‬،‭ ‬فتشظي‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬وانقسامها‭ ‬وصراعها‭ ‬الذي‭ ‬استمر‭ ‬لسنوات‭ ‬جعل‭ ‬من‭ ‬توحيد‭ ‬الصف‭ ‬لمكافحة‭ ‬هذا‭ ‬التهديد‭ ‬أمراً‭ ‬أشبه‭ ‬بالمستحيل‭ ‬،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬تسرب‭ ‬هذا‭ ‬الفيروس‭ ‬إلى‭ ‬الداخل‭ ‬الليبي‭ ‬أراه‭ ‬ويراه‭ ‬كثيرون‭ ‬مسالة‭ ‬وقت‭ ‬ليس‭ ‬إلا‭ ‬،‭ ‬اذا‭ ‬ظل‭ ‬الحال‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬عليه‭ ‬‭ ‬،‭ ‬وقد‭ ‬يعتقد‭ ‬البعض‭ ‬أن‭ ‬مجرد‭ ‬وجود‭ ‬عناصر‭ ‬المركز‭ ‬الوطني‭ ‬لمكافحة‭ ‬الأمراض‭ ‬بصالة‭ ‬مطار‭ ‬معيتيقة‭ ‬او‭ ‬بنينا‭ ‬الدوليين‭ ‬كفيل‭ ‬بالحد‭ ‬من‭ ‬تسجيل‭ ‬اي‭ ‬اصابة‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬،‭ ‬وقد‭ ‬فاتهم‭ ‬أن‭ ‬البلاد‭ ‬بمساحتها‭ ‬الشاسعة‭ ‬باتت‭ ‬صالة‭ ‬استقبال‭ ‬وتوديع‭ ‬للمسافرين‭ ‬والمهاجرين‭ ‬دون‭ ‬رقيب‭ ‬او‭ ‬حسيب‭ ‬،‭ ‬وهذا‭ ‬ليس‭ ‬بخافٍ‭ ‬عن‭ ‬أحد‭ ‬،‭ ‬فكيف‭ ‬يا‭ ‬ترى‭ ‬سيتم‭ ‬اكتشاف‭ ‬مهاجراً‭ ‬عبر‭ ‬الصحراء‭ ‬حاملاً‭ ‬لهذا‭ ‬الوباء‭ ‬لأول‭ ‬مدينة‭ ‬ليبية‭ ‬تطؤها‭ ‬قدماه‭ .‬
وإذا‭ ‬افترضنا‭ ‬جدلاً‭ ‬اكتشاف‭ ‬حالة‭ ‬أو‭ ‬حالات‭ ‬طالتها‭ ‬الإصابة‭ ‬بهذا‭ ‬الفيروس‭ ‬اللعين‭ ‬داخل‭ ‬ليبيا‭ ‬،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬جنسية‭ ‬حامله‭ ‬أو‭ ‬عرقه‭ ‬أو‭ ‬دينه‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬قبيلته‭ ‬،‭ ‬فبماذا‭ ‬استعدت‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬الليبية‭ ‬لمرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬اكتشاف‭ ‬الإصابة‭ ‬وهي‭ ‬الأهم‭ ‬والأكثر‭ ‬خطورة‭ ‬،‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬الاجراءات‭ ‬التي‭ ‬اتخذتها‭ ‬الوزارة‭ ‬لمجابهة‭ ‬هذا‭ ‬الوباء‭ ‬باستثناء‭ ‬ذلك‭ ‬الخبر‭ ‬اليتيم‭ ‬المنشور‭ ‬على‭ ‬صفحتها‭ ‬على‭ ‬الفيس‭ ‬بوك‭ ‬يوضح‭ ‬لقاء‭ ‬مدير‭ ‬عام‭ ‬المركز‭ ‬الوطني‭ ‬لمكافحة‭ ‬الأمراض‭ ‬بمعالي‭ ‬وزير‭ ‬الصحة‭ ‬المفوض‭ “‬ناقشا‭ ‬خلاله‭ ‬احتياجات‭ ‬المركز‭ ‬التي‭ ‬تمكنه‭ ‬من‭ ‬متابعة‭ ‬اجراءاته‭ ‬الوقائية‭ ‬من‭ ‬فيروس‭ ‬كرونا‭ ” ! .‬
فكيف‭ ‬بالله‭ ‬سنتمكن‭ ‬من‭ ‬التصدي‭ ‬لفيروس‭ ‬أرهق‭ ‬العالم‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬يملك‭ ‬من‭ ‬كفاءات‭ ‬وقدرات‭ ‬وتقنيات‭ ‬،‭ ‬وكلنا‭ ‬نعرف‭ ‬أنها‭ ” ‬الوزارة‭ ” ‬فشلت‭ ‬بتفوق‭ ‬في‭ ‬تسيير‭ ‬وإدارة‭ ‬المستشفيات‭ ‬العامة‭ ‬،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬أكبر‭ ‬مستشفيات‭ ‬طرابلس‭ ‬الذي‭ ‬صارت‭ ‬أقسامه‭ ‬أشبه‭ ‬بمعسكرات‭ ‬اللاجئين‭ ‬في‭ ‬أفقر‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬،‭ ‬تغزوها‭ ‬الفيروسات‭ ‬والبكتيريا‭ ‬ويهجرها‭ ‬الأطباء‭ ‬والإخصائيون‭ ‬إلى‭ ‬المصحات‭ ‬الخاصة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تختلف‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬اداءها‭ ‬التشخيصي‭ ‬والعلاجي‭ ‬عن‭ ‬العامة‭ ‬،‭ ‬إلا‭ ‬ّمن‭ ‬حيث‭ ‬الأناقة‭ ‬ووجود‭ ‬موظف‭ ‬للخزينة‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬الأربع‭ ‬والعشرين‭ ‬ساعة‭ .‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى