كتاب الرائ

أسباب‭ ‬قيام‭ ‬المسؤولية‭ ‬المدنية

■‭ ‬‭ ‬هند‭ ‬عبدالكريم‭ ‬القرقني

من‭ ‬لا‭ ‬يعمل‭ ‬لا‭ ‬يخطئ‭ ‬،‭ ‬لذلك‭ ‬كان‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬جبر‭ ‬الضرر‭ ‬،‭ ‬والاعتداء‭ ‬على‭ ‬حقوق‭ ‬الآخرين‭ ‬يستلزم‭ ‬قيام‭ ‬المسؤولية‭ ‬،وتهدف‭ ‬المسؤولية‭ ‬المدنية‭ ‬إلى‭ ‬جبر‭ ‬الضرر‭ (‬التعويض‭) ‬الذي‭ ‬يصيب‭ ‬المضرور‭ ‬و‭ ‬هي‭ ‬نوعان،‭ ‬إما‭ ‬مسؤولية‭ ‬عقدية‭ ‬و‭ ‬هي‭ ‬جزاء‭ ‬إخلال‭ ‬المدين‭ ‬بالتزام‭ ‬عقدي‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬إما‭ ‬مسؤولية‭ ‬تقصيرية‭ ‬و‭ ‬هي‭ ‬جزاء‭ ‬إخلال‭ ‬الشخص‭ ‬بالتزام‭ ‬قانوني‭ ‬مفروض‭ ‬عليه‭ ‬،‭ ‬وتعتبر‭ ‬فرعاً‭ ‬من‭ ‬فروع‭ ‬القانون‭ ‬المدني‭ ‬وأكثرها‭ ‬صعوبة‭ ‬،‭ ‬ولقيامها‭ ‬يجب‭ ‬تحقق‭ ‬الخطأ‭ ‬والضرر‭ ‬وعلاقة‭ ‬السببية‭ ‬بينهما‭. ‬
وتنشأ‭ ‬المسؤولية‭ ‬المدنية‭ ‬إما‭ ‬عن‭ ‬إخلال‭ ‬بالتزام‭ ‬عقدي‭ ‬وتسمى‭ ‬عقدية‭ ‬،‭ ‬أو‭ ‬عن‭ ‬فعل‭ ‬أحدث‭ ‬ضرر‭ ‬للغير‭ ‬وتسمى‭ ‬تقصيرية‭ ‬،‭ ‬والمسؤولية‭ ‬المدنية‭ ‬بنوعيها‭ ‬لا‭ ‬تقوم‭ ‬إلا‭ ‬بتوفر‭ ‬الأركان‭ ‬الثلاثة‭ ‬الخطأ‭ ‬والضرر‭ ‬والعلاقة‭ ‬السببية‭ ‬،‭ ‬حيث‭ ‬نصت‭ ‬المادة‭ ‬166‭ ‬من‭ ‬القانون‭ ‬المدني‭ ‬الليبي‭ ‬على‭ ( ‬كل‭ ‬خطأ‭ ‬سبب‭ ‬ضرر‭ ‬للغير‭ ‬يلزم‭ ‬مرتكبه‭ ‬بالتعويض‭ ) ‬،‭ ‬
من‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬النص‭ ‬نلاحظ‭ ‬أن‭ ‬المسؤولية‭ ‬المدنية‭ ‬هي‭ ‬الالتزام‭ ‬بإصلاح‭ ‬الضرر‭ ‬الواقع‭ ‬على‭ ‬الغير‭ ‬بفعل‭ ‬الأشخاص‭ ‬،‭ ‬فهي‭ ‬مسؤولية‭ ‬قانونية‭ ‬لأنها‭ ‬يترتب‭ ‬عن‭ ‬قيامها‭ ‬جزاءات‭ ‬يفرضها‭ ‬القانون‭ ‬وتسمى‭ ‬مدنية‭ ‬لأنها‭ ‬ترمي‭ ‬إلى‭ ‬رفع‭ ‬الضرر‭ ‬الواقع‭ ‬على‭ ‬الغير‭ ‬أو‭ ‬إزالته‭ ‬أو‭ ‬إصلاحه‭ ‬،‭ ‬أو‭ ‬منح‭ ‬مبلغ‭ ‬من‭ ‬المال‭ ‬كتعويض‭ ‬وجبر‭ ‬الضرر‭ ‬،‭ ‬وهي‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬التزم‭ ‬قانوني‭ ‬سابق‭ ‬مفاده‭ ‬عدم‭ ‬الإضرار‭ ‬بالغير‭ .‬
والجزاء‭ ‬المدني‭ ‬لا‭ ‬يمس‭ ‬شخص‭ ‬المعني‭ ‬بل‭ ‬يمس‭ ‬ماله‭ ‬فقط‭ ‬أو‭ ‬يلزمه‭ ‬بإعادة‭ ‬الحال‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬قبل‭ ‬الضرر‭ ‬،‭ ‬فهو‭ ‬جزاء‭ ‬إصلاحي‭ ‬يستهدف‭ ‬إصلاح‭ ‬الضرر‭ ‬أو‭ ‬رفعه‭ ‬بالتنفيذ‭ ‬العيني‭ ‬،‭ ‬والإجبار‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬حكم‭ ‬القاعدة‭ ‬التي‭ ‬خالفها‭ ‬أو‭ ‬امتنع‭ ‬عن‭ ‬تطبيقها‭ ‬كلما‭ ‬كان‭ ‬ممكناً‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬إرهاق‭ ‬للمدين‭ ‬أو‭ ‬قهر‭ ‬حريته‭ ‬الشخصية‭ ‬والجزاءات‭ ‬المدنية‭ ‬أنواع‭ ‬فقد‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬حبس‭ ‬المال‭ ‬حتى‭ ‬ينفذ‭ ‬المدين‭ ‬التزامه‭ ‬،‭ ‬يكون‭ ‬الجزاء‭ ‬المدني‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬الدفع‭ ‬بعدم‭ ‬التنفيذ‭ ‬فالدائن‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يمتنع‭ ‬عن‭ ‬التنفيذ‭ ‬طالما‭ ‬المدين‭ ‬لم‭ ‬يقم‭ ‬بالتنفيذ‭ ‬،و‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬الجزاء‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬البطلان‭ ‬وهو‭ ‬جزاء‭ ‬يقرره‭ ‬القانون‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬اختلال‭ ‬ركن‭ ‬من‭ ‬أركان‭ ‬العقد‭ ‬،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬الغرامة‭ ‬التهديدية‭ ‬وهي‭ ‬إذا‭ ‬رفض‭ ‬المنفذ‭ ‬عليه‭ ‬أداء‭ ‬الالتزام‭ ‬بعمل‭ ‬أو‭ ‬خالف‭ ‬التزاماً‭ ‬بالامتناع‭ ‬عن‭ ‬عمل‭ ‬،‭ ‬ويكون‭ ‬الجزاء‭ ‬المدني‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬الحجر‭ ‬على‭ ‬الأموال‭ ‬وهو‭ ‬إجراء‭ ‬مؤقت‭ ‬غايته‭ ‬التحفظ‭ ‬على‭ ‬أموال‭ ‬المدين‭ ‬بوضعها‭ ‬تحت‭ ‬يد‭ ‬القضاء‭ ‬وحماية‭ ‬لمصلحة‭ ‬الدائن‭ .‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى