كتاب الرائ

(المعجمُ الميسَّر للأطفالِ) إنجازٌ ليبيٌّ لاَ مثيلَ له عربياً

يونس شعبان الفنادي

[email protected]

مضت عشرون سنة تقريباً على طباعة (المُعجم الميسر للأطفال) الذي يعد أول معجم لغوي عربي مصور وموجه للأطفال على مستوى الوطن العربي، قام بإعداده وإصداره الأديب الليبي الكبير الأستاذ يوسف الشريف سنة 2001م بمدينة طرابلس.

ويقع هذا المعجم التعليمي التربوي في أربعمائة وثمانين (480) صفحة من الحجم الكبير مدعوماً ومعززاً بالعديد من الرسومات الملونة الجميلة الموضحة لكل حرف من حروف الأبجدية العربية “من الألف إلى الياء” وتوظيفها فنياً لتقريب المعاني لذهن الطفل العربي الذي يصر الأستاذ يوسف الشريف على مخاطبته من خلال الحرف والصورة معاً، لتأكيد أهمية أدوات التواصل الحرفي والبصري والسمعي مجتمعة في تعليم الفكر الطفولي والوصول به إلى درجة الاستيعاب والفهم المطلوبة، وبالتالي مساعدته على تحريك عقله ذاتياً والتفكير في دلالات الصور المرسومة لهذا الغرض وغيرها من الأشياء الأخرى.

لقد أجاد الأستاذ يوسف الشريف استعمال لغة مخاطبة مبسطة وهادفة يمرر فيها بكل يسر وسهولة معلومات ومعارف متنوعة للطفل الذي يخاطبه في تقديمه للمعجم (هذا هو “المعجم الميسر للأطفال” لكَ أنتَ أيها الطفل ومن أجلك، كتبتُه لتستفيد منه كما يستفيدُ الكبارُ من معاجمهم، وليكونَ لك رفيقاً في بيتك ومدرستك. ويمكن أيضاً أن يكونَ أهم كتابٍ في مكتبتك، يساعدك ويعطيك المعرفة والمتعة، في أي وقت، وفي أي مكان. وقد حاولتُ فيه، قدر جهدي، أن أجعله بسيطاً في كلماته، واضحاً في معانيه، فشرحتُ لك كلَّ كلمةٍ في أكثرَ من جملة، ورتبتُه حسبَ الحروفِ الهجائية سواء في الحرفِ الأول أو في الحروف التي تأتي بعده، وهو في هذا لا يختلفُ كثيراً عن معاجم الكبار، وما عليك إلاَّ أنْ تعرف ترتيب الحروف لتجد الكلمة بكل يسر وبلا عناء(.

ويواصل الأستاذ يوسف الشريف حديثه للطفل (إن كلمات المعجم ليست غريبة عنك، فأنت تستعملها نطقًا وكتابةً أو تقرؤها في كتاب، لكنَّك لا تعرفُ قواعد استعمالها أو معناها. وهذا المعجم يوفر لك كلَّ ما ترغب في معرفته حول الكلمة، فهو يشرح لك معناها بكلمات واضحة وبسيطة، ويدلك على استعمالها ونطقها نطقًا صحيحًا، لأن النطق الصحيح هو بداية تعلُّم اللغة، وفهم معاني الكلمات، كما يعطيك المعاني المختلفة لكلمة لا تتغير حروفها ولا بتغير نطقها، ويزودك بمعلومات حول الأشياء.)

إن الجهد الذي بذله الأستاذ يوسف الشريف في إعداد (المعجم الميسر للأطفال) والسنوات التي أنفقها في ذلك لا تقدر بثمن، حيث ظل عاكفاً على تجميع المعلومات وترتيبها وإخراجها بكل محبة للطفل سنواتٍ عديدة، تأكيداً على المسئولية الملقاة على عاتق الأدباء والكتاب والمختصين في التربية والتعليم لإعداد هذا الكائن الإنساني الطفولي الذي نسعى لتوجيهه وتعبئته وتنميته فكرياً بما يحقق له السعادة والبهجة الداخلية الخاصة، ولوطننا شعباً من الأطفال المتميزين ليصنعوا جيلاً خالياً من العقد ومغموراً بالمحبة والعطاء والإيمان بالله والوطن والإنسان.

ولكن رغم أهمية وريادة هذا الإصدار المميز ليبياً وعربياً (المعجم الميسر للأطفال) في نوعيته، ومضمونه، وإعداده، إلا أنه وبكل أسف ومرارة ظل مركوناً ولم تلتفت إليه الجهات التربوية التعليمية ولا الثقافية في بلادنا، ولم تدعم طباعته وإصداره وتوزيعه والعمل على انتشاره في المؤسسات الطفولية والتربوية والتعليمية .. فمن نلوم يا ترى؟

الهيئة العامة للثقافة؟

وزارة التربية والتعليم؟

وزارة الشؤون الاجتماعية؟

أم من؟

ندعو الله سبحانه وتعالى أن يمد الأستاذ يوسف الشريف بالصحة والعافية حتى يرى معجمه ليس بين أيدي أطفال ليبيا والعرب فحسب، بل مستوطناً عقولهم وقلوبهم، وبارزاً في أنماط تفكيرهم وسلوكياتهم الإنسانية النبيلة، كما ندعو الله أن يهدي مؤسساتنا الحكومية والأهلية معاً للاستفادة من هذا المعجم المميز ودعمه بالطرق التي تحقق غاياته الهادفة ورسالته التنويرية العظيمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى