كتاب الرائ

بين الرجوعية ، والرجعية

حارث الورفلي

 

 

بين الرجوعية ، والرجعية

حارث الورفلي

من زوايا مختلفة يمكن مناقشة الحالة ” الرجوعية ” فلكل زاوية من هذه الزوايا رؤية محددة ، ولها أيضاً موقف مختلف ، فالرجوعية لا يمكن اعتبارها رؤية واحدة فلكل حالة رجوع نقطة انطلاق قد تكون عقلانية أوعاطفية .. ، حقيقية أو وهمية لكنها وفي جميع هذه الصور تبقى نقطة الانطلاق هذه هي البداية التى منها تنطلق رحلة العودة أو الرجوع أو الرجوعية وفق قناعة قد تكون نتاج وعي أو نتاج تقليد أو تبعية .

الحاضر هو هو مفترق الطرق بالنسبة للإنسان صانع التاريخ فمن هذا المفترق يمكن للإنسان أن يتجه نحو الماضي ، أو نحو المستقبل فإن سار نحو الماضي برؤاه وعقله ، وثقافته ، وموقفه فهو رجوعي كونه هو الفاعل لحالة “الرجوع” هذه .. وليس رجعياً انطلاقاً من وعيه ، وثقافته وموقفه .. ، ولأن التاريخ هو حالة ما ضوية فهو لا يتطور إلا بالمستقبل ..، المستقبل هو الذي يصنع الماضي ، ويبقيه حياً فلو لم يأت المستقبل بأحداثه ، وتطوراته ، وتفاعلاته ، وعلومه ” يتجمد” الماضي ولكنا الآن أمام تاريخ “ميت” قد تفصلنا عنه مسافة زمنية قد تكون طويلة .. أو قصيرة ..

نحن ” نعود ” إلى الحقيقة ” من خلال رجوعنا إلى عقيدة أو فكرة  وهذه الرجوعية نابعة أصلاً من موقف حاسم عقلاني قد يكون مدفوعاً بشحنه عاطفية ، ورغم عقلانية هذا الموقف ” الرجوعي ” فإننا نعود إلى الماضي بلا أي ” زاد” لا من الحاضر الذي نعيشه ولا المستقبل الذي نفكر فيه أو حتى نتخيله .. نحن نعود فقط دون أن نحمل على ظهورنا أي حمل نعود ” مجردين ” إلا من ” الفكرة ” المولودة في الماضي .. ، كما أننا لا نجلب من الماضي أي شيء لحاضرنا أو للمستقبل الذي يتغذى عليه ماضينا رغم إننا الفاعل الوحيد من تقسيم الزمن إلى ماضٍ ، وحاضر ومستقبل ..

فما هي الحكمة من ” فعلتنا ” هذه ؟ .. ماذا نريد من ” تجميد ” الزمن في ماضٍ ، وحاضر ومستقبل ؟ ولماذا لا نتركه زمناً واحداً ؟ نتحرك فيه بفاعلية أكبر وبجهد حقيقي ، وبعقل منتج .. ، فعالية حضارية تضعنا في موقع الفاعل القوي المدعوم بإرث الحقيقة ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى