كتاب الرائ

هل هذا الوقت المناسب لرفع الدعم ؟

وحيدعبدالله الجبو 

الجّدير بالذكر أن الجدل في قضية الدعماً نقدياً وسلعياً قائم من سنوات طويلة ولم تصل الحكومات المتعاقبة من عام 2003 حتى الآن لاتخاذ قرار سليم مبني على أسس صحيحة تخدم الاقتصاد الليبي وتصب في مصلحة الشعب الليبي رغم أن مبررات إلغاء الدعم السلعي موجودة والبدائل مقترحة منذ سنوات على مكاتب المسؤولين .

ولكن تعاقب الأحداث وتسّارعها على المستوى الإنساني السياسي والاقتصادي والأمني جعل من اتخاذ القرار أمر صعب في ظل الظروف الإستثنائية الصعبة التي تمر بها البلاد وخاصة في ظل الحرب والصراع الدائر حول السلطة والانقسام السياسي وانقسام المؤسسات الاقتصادية السيادية مستمر منذ عام 2014 والمعاناة التي يدفع ثمنها المواطن والمجتمع بشكل عام بشكل يومي وخاصة محدودي الدخل . ويتعذر في هذه الظروف التّحول إلى الدعم النقدي ذلك أن انعدم الثقة في الحكومات السابقة والتي عجزت حتى عن إحالة علاوة الأبناء وعلاوة العائلة المقررة من المؤتمر الوطني عام 2012 وتم صرفها لمدة ستة أشهر فقط ثم توقفت . ومن ناحية أخرى لا يتناسب إيقاف دعم الوقود في هذا الوقت مع انعدام النقل العام للركاب واعتماد 90% من الناس على وسائل النقل الخاص وخاصة سكان الضواحي والمناطق النائية وحاجتهم إلى الوقود المدعوم . إن مجرد تنفيذ وقف دعم الوقود يعني ارتفاعاً في أسعار كل ما هو يحتاج للنقل البري داخل البلاد وخارجها وما بين المدن والقرى الليبية وخاصة عمليات نقل الركاب والبضائع وما يترتب على ذلك من ارتفاع في نقل أسعار الخضروات والفواكه والمواد الغذائية ومواد التنظيف والأثاث والمفروشات والأجهزة الكهربائية المنزلية ومواد الطلاء والبناء والملابس والأحذية ومستلزمات التصنيع لأنها تستخدم النقل البري بين المناطق والمدن بشكل شبه يومي إضافة إلى الوضع المأساوي للبنية التحتية للمدن وخاصة طرابلس والطرق المتهالكة بين المدن والواحات وتأخر صيانتها وضرورة جدولة زمن الصيانة كما يترتب عن إيقاف دعم الوقود زيادة الطلب في السيولة النقدية الأمر الذي ينتج عنه تفاقم في الحصول عليها بسبب ارتفاع أسعار النقل والسلع والخدمات وخاصة في حالة ضعف المرتبات وتأخر صرفها .

إن الظروف الحالية تتطلب تأجيل النظر في ذلك إلى حين الخروج من الأزمة السياسية والاقتصادية والأمنية التي تعصف بالبلاد والاستعداد لنشر ثقافة الحرص وترشيد الاستهلاك أما مبررت إلغاء الدعم وإجراء الإصلاح واستعادة الثقة في الجهاز التنفيذي أمر في غاية الأهمية قبل تنفيذ برنامج استبدال السلعي بالنقدي والتي تعود بالفائدة على الفرد والمجتمع والدولة . إن بناء اقتصاد قوي وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين لا يتم بالعواطف والتمني وإنما باتخاذ القرار الصحيح المدروس في الوقت المناسب ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب واعتبار التنمية تستهدف الرقي بالمعيشة لصالح الإنسان

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى