كتاب الرائ

باختصار – طبخة محروقة  !

عصام فطيس

لا نكاد نقول إن الأزمة الليبية في طريقها للانفراج إلا ونفاجأ بالمزيد من التعقيد بشكل ينذر بالعودة إلي المربع الأول ..

ففي الوقت الذي توقعت عديد القوي السياسية والأطراف الإقليمية أن تحدث حلحلة للازمة بعد التعديل الثاني عشر للإعلان الدستوري ( أكثر إعلان دستوري تم تعديله في العالم ) و تكليف مجلس النواب للسيد فتحي باشاغا بتشكيل حكومة بدلا عن حكومة الوحدة الوطنية المؤقت  ؛ إلا أن رياح المجلس لم تأت بما اشتهت السفن ؛ فمنذ اليوم الأول لهذا التكليف أعلن رئيس حكومة الوحدة السيد عبدالحميد الدبيبة رفضه التام الاعتراف بالتعديل والتكليف  والتمديد للمجلسين ؛ معتبرا إياهما فاقدي للأهلية شانا هجوما عليهما ؛ داعيا لإقامة  الانتخابات  في موعدها ومؤكدا على عدم ترشحه لها ( من يضمن ذلك ؟ خاصة وانه سبق له وان تعهد بعدم الترشح وفعلها وترشح ضاربا بعرض الحائط بتعهده الذي قال محاميه أنه تعهد أخلاقي ! ومتي ماكانت التعهدات الا كلمة وأخلاقاً ؟

المهم دبيبة قرر بناء على نصيحة مستشاريه وعرابيه التصعيد متسلحا بدعم مجموعات مسلحة ( ليرتكب ذات أخطاء سابقه سيء الذكر السراج ) فيما باشاغا يؤكد على أن تكليفه شرعي وأن هناك توافق كبير على اختياره وأنه خلال أيام قليلة سيقدم حكومته للمجلس للحصول على الثقة !

واذا كان الخلاف ظاهريا يتمثل بين السيد فتحي باشاغا رئيس الوزراء المكلف والسيد عبدالحميد دبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية إلا أن هناك بعد آخر وهو عودة صراع الديكة بين مجلس النواب ومجلس الدولة ؛ فبعد تأكيدات المجلسين على أنهما توافقا على التعديل الدستوري وتكليف الحكومة جديدة ؛  و وسط ضغوطات هائلة عاد مجلس الدولة ليخلط الأوراق مجددا بعد الضغوطات الهائلة التي مورست على أعضاءه ليعقد جلسة لها ما لها وعليها ما عليها ؛ معلنا رفضه للتعديل والتكليف ليضع قرار المجلس على المحك ويترك الباب مشرعا أمام جميع الاحتمالات !

وإذا كانت الأنظار ستتجه إلي جلسة المجلس التي سيقدم فيها رئيس الوزراء المكلف فتحي باشاغا تشكيلته الحكومية (دون الخوض في أعضاءها وظروف تشكيلها ) إلا أن مرورها يظل محكوما بالضوء الأخضر من المبعوثة الأممية والقوي الفاعلة على الأرض التي تري أطراف منها أن مهمة هذه الحكومة قد تكون مقدمة لما هو ابعد من الأشراف على الانتخابات  !

في جميع الأحوال الساعات القادمة ستكون حاسمة .. أما أن تنضج هذه الطبخة ويأكل الجميع وإما أن تتحول لطبخة محروقة مثل سالفاتها .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى