كتاب الرائ

هــــــــل للوقــــــت قيمــــــــة؟

نقطة على السطر
■ بقلم / عبدالحكيم علي القيادي

هــــــــل للوقــــــت قيمــــــــة؟

الوقت هو ذلك الشيء الذي نتعامل معه بشكل يومي وهو جزء مهم في حياتنا‏ إن لم يكن هو كل حياتنا !‏ فإذا لم نحترمه وضيعناه ، ضاع الجزء الاكبر منها ‏، وإن استخدمناه جيداً فإننا نبني به وطنناً .. فهو شيء أصعب من أن يفكّر به الإنسان حيث لا يمكن توظيفه كالمال ، بل إنه يُعتَبَر الشيء الوحيد المشترك بين جميع البشر على اختلاف أعراقهم وأجناسهم وأعمارهم فجميع البشر لديهم أربعة وعشرون ساعة يوميّاً يتصرف بها كل شخصٍ حسب وقته المُتاح له ، إمّا أن يهدره عن طريق القيام بالأعمال والأنشطة التي لا أهميّة لها ، وإما أن ينظّمه للقيام بأعمال مجدية وهذا ما يُسمَّى بتنظيم الوقت فنرى بعض الأشخاص لا تكفيهم هذه الساعات الأربعة والعشرون في قضاء مهامهم الكثيرة فهم حريصون على كل ثانية دونما القيام بعمل مفيد . منذ أن خلق الله عزَّ وجل الانسان جعل الوقت هي الفترة التي يعيشها في هذا الدنيا والتي يجب أن يستغلَّها للقيام بالأعمال الصالحة للوصول إلى الغاية المقصودة من وجوده فكل يوم يمضي ينقص من عمره فبعد الموت ينتهي وقته . إن كل ما سردته في هذه المقدمة عن الوقت وأهميته يقودنا إلى الحديث الاكثر جدلا في فترتنا هذه ألا وهو عدم احترامنا لمواعيدنا فمن أهمّ أسباب نجاح أيّ إنسان باختلاف توجُّهاته احترامه لمواعيده ، سواء كان مسئولاً أو موظف عادياً أو مواطن ، ربَّ أسرة كان أو تاجراً أو مزارعاً أو حتى رئيسَ للدولة ، فكلّ فرد من هؤلاء يحتاج إلى إدارة نفسه واحترام مواعيده قبل أي شيء آخر ، ومن هذا المنطلق نجد أن الكثير من الناس يرى أن المواعيد أمراً لا أهميّة له ذلك لأنَّهم لا يقيمون للوقت وزناً فاحترام الوقت والمواعيد هو رأس المال الحقيقي للفرد والمجتمع ، به تُبنى الأجيال وتتكون الحياة بأبهى صورها ، فهو سر صناعة النجاح لإنجازات مشرقة ..! وللأسف الشديد هذا ما جعل إنتاجيّة وطننا العربي في مختلف الميادين والمستويات ، تصل إلى أقل مستوياتها مقارنة مع المجتمعات الغربيّة فاضطرب التحصيل العلمي وتراجع إنتاج الفرد ، حتى صارت الأوقات والأعمار تُهدَر دون فائدة ، إنَّ احترام الوقت والمواعيد له فوائد عديدة قد تظهر مباشرة أو على المدى البعيد كشعور الإنسان بالتحسُّن في جميع شؤون حياته ، اكتسابه احترام زملائه والأشخاص المحيطين به والجهات التي يتعامل معها والنتائج المُرضِية في العمل والتي تُمكِّنه من اكتساب الخبرات وتطوير نفسه ليصل إلى قمة النجاح فمن الظواهر والعادات السيئة فى حياتنا عدم الالتزام بالمواعيد ، رغم ما نردده فى كل المناسبات عن ضرورة احترام المواعيد والالتزام بوقت العمل ، وأن الوقت ثمين كالذهب ونضرب الأمثلة على ذلك (الوقت كالسيف أن لم تقطعه قطعك) . إن احترام الوقت ليس له قيمة في حياتنا ، بل أننا نتهاون فيه ولا نلتزم به فنذهب الى العمل متأخرين ولدينا عديد المبررات ، ونغادره قبل الموعد غير عابئين بذلك الأمر بحجة إن المسئول هو الآخر يأتى متأخرا ويغادر مبكرا ، ولا ندرك بأن كل شخص مسئول عن أعمال سيحاسب عليها منفردا ، ونردد كعاداتنا العمر ينتهي والشغل لا ينتهي . فالتباطؤ وعدم احترام الوقت والمواعيد يظهر جليا على جميع المستويات حيث اصبحت هذه ثقافة سائدة فى العلاقات ، والغريب فى الأمر أن البعض يعتقد أن تأخره عن الموعد يعطيه أهمية ويظهره أمام الآخرين بأنه شخص مهم وله ارتباطات متعددة وأقولها بكل بخجل وحرقة شديدة فما يقوم به معظم مسئولينا وخاصة الشخصيات السياسية والسيادية منهم ، خصوصا في البرامج الاحتفالية من ندوات وملتقيات وغيرها من المناشط التي يكون بها ضيوف يمثلون مؤسسات أخرى أو دول اخرى فيبقى الحاضرون في انتظار هذه الشخصية التي ستأتي لحضور هذه الندوة او البرنامج ويتأخر موعد الافتتاح ساعات وهذا ناتج عن عدم احترام هذه الشخصية لوقت الافتتاح للبرنامج ، فهو من يجب أن يكون قدوة لذلك وخاصة في برامج تكون متعلقة بالأطفال فمن واجبنا أن نكون قدوة لهم ولكن!!! فبعض من هؤلاء لا يحب الانتظار في المواعيد التي تخصه ولكن لا مشكلة لديه في التأخير على الآخرين في المواعيد ، لذلك كما تحب انضباط غيرك في الموعد معك كن أنت كذلك دائماً منضبطاً في المواعيد مع الآخرين .. انها لآفة خطيرة عدم استيعابنا أهمية الوقت وتقديره فالشخص الناجح هو من يلتزم بمواعيده واحترامه لذاته وللآخرين . وإذا اضطر الشخص إلى التأخر عن موعد أو عدم حضوره فينبغى علينا تعلم ثقافة الاعتذار المسبق للآخرين حتى لا يستمروا فى الانتظار. فعدم الدقة فى المواعيد ليس مجرد صفة تتنافى مع الذوق السليم بل إنها أيضا تتعارض مع الأخلاق الحميدة فالمحافظة على المواعيد تدل على الاحترام والتقدير لموجه الدعوة .
قد تتميز الدول المتقدمة عنا ( لن أكون متحيزا لدول الغرب فأني أكثر معارضا لذلك لأن ديننا الحنيف وأخلاق رسولنا الكريم عليه أفضل الصلوات والتسليم قد زرع فينا بذرة الاحترام والتقدير للوقت ولكننا نحتاج أن نصُحيها وننميها من جديد علها تكون خاملة عند البعض منا ) ، فهم بإدراكها قيمة الوقت واحترام المواعيد دون رقابة سلوك نشئوا عليه . إن التربية الخاطئة منذ الصغر داخل الأسرة والمدرسة من أهم أسباب عدم احترام الجيل الجديد قيمة الوقت ومن هنا يجب علينا أن نغرس فى نفوس أبنائنا منذ نعومة أظفارهم الانضباط واحترام المواعيد. فمن الثقافة التي يجب أن ننمي عليها أبناءنا احترام الوقت فهو أساس النجاح وتحقيق الذات… ففي الغرب الالتزام بوقت مواعيد المؤسسات المختلفة عمل مقدس ولا يستهان به ، وأوضح مثال ربما يراه المسافر لدول الغرب فالالتزام في رحلات الطيران بمواعيدها ، والتزام القطارات والباصات بمواعيد تحسب بالدقيقة ، هذا اكبر دليل على احترامهم لمعنى الوقت والمواعيد فلما لا نقلدهم في ذلك علماً بأنه يجب أن يقتدوا بنا هم ولا نقتدي بهم ولكن هذا ما وصلنا إليه اليوم ، ومن الطرق التي تساعدنا في احترام المواعيد استخدام بعض طرق وأدوات التنظيم للوقت بشكل أفضل وأكثر راحة ويمكن استغلال هذا الوقت ليكون في مصلحتنا وخدمتنا ، من خلال تقسيم الوقت اليوميّ لجدول أعمال بسيط ،عدم المماطلة والتأجيل في القيام بالأعمال مما يساعدنا على الحصول على استغلال أمثل للوقت. هناك ثقافة يجب ان يمتلكها الجميع هي إدارة الوقت واحترام الآخرين في المواعيد .
وأخيرا أضع بين أيديكم جملة من التساؤلات الخاصة بإدارة الوقت واحترامك للمواعيد مع الآخرين هل هناك خطة تعمل بها في إدارة وقتك في الحياة أترك لكم الحوار لنقيم أنفسنا في تقدير اوقاتنا وكيفية استغلاها واحترامنا لمواعيدنا لأننا سنسأل عن ذلك يوم القيامة كما جاء في قول رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام (لا تزولُ قدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتى يُسأَلَ عن أربعٍ عن عُمرِهِ فيما أفناهُ وعن عِلمِهِ ما عملَ بِهِ وعن مالِهِ من أينَ اكتسبَهُ وفيما أنفقَهُ وعن شبابِهِ فيما أبلاهُ) فهناك العديد من الدلائل في قرآننا الكريم تدل على احترام واستغلال الوقت والمواعيد في ديننا الحنيف فلنعمل على ذلك في حياتنا قبل مماتنا والله الموفق …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى