كتاب الرائ

مطرقة روما وسندان باريس !

■ عصام فطيس

بإختصار

■ عصام فطيس

مطرقة روما
وسندان باريس !

مرة اخرى تستعر الحرب الكلامية بين روما وباريس , وهذه المرة جاءت تصريحات لنائب رئيس وزراء إيطاليا ماتيو سالفيني يوم الثلاثاء الماضي والتي اتهم فيها فرنسا بأنها لا تسعى إلى تحقيق الهدوء في ليبيا لأن مصالحها في قطاع الطاقة تتعارض مع مصالح إيطاليا ليؤشر على عمق الخلاف بين البلدين وتضارب رؤيتهما في التعاطي مع الشأن الليبي , بشكل قد ينذر بإنعكاسات اكثر سلبية على الأرض الليبية .. واللافت للنظر أن الخلاف بين البلدين تجاوز الأبواب المغلقة وأصبح التراشق علنا بشكل لم نعهده في العلاقات الأوروبية الأوروبية , ولكن الكعكة الليبية تستحق .
إيطاليا المدفوعة بمطامعها التاريخية وحنينها للحقبة الفاشية عملت وتعمل بكل قوة على إعادة تموضعها في ليبيا بشكل يضمن لها السيطرة الكاملة على قطاع الطاقة من خلال ذراعها التنفيذية شركة ايني العملاقة , إضافة إلى الحد من تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى أراضيها عبر ليبيا وهي من هذا المنطلق ترى أن دخول أي قوة اخرى على الخط لن يمكنها من تحقيق أهدافها في ليبيا , فيما فرنسا متسلحة بذراعها القوية شركة توتال تعتقد أن ليبيا ستكون مكافأتها التي لم تحصل عليها بعد , نتيجة لقيادتها للعمليات العسكرية التي أسقطت نظام العقيد الراحل معمر القذافي في العام 2011 , ولهذا السبب لجأت إلى اعادة رسم تحالفاتها مع أطراف محلية في شرق وجنوب ليبيا من أجل ضمان حصتها مستقبلا .
وإذا كان باطن الصراع غير المرئي بين العملاقين النفطيين إلا أن السياسيين التقطوا هذا الأمر وحولوه إلى صراع من نوع آخر من احل تحقيق المكاسب الداخلية والإقليمية , فلم يكتف الطليان بتصريحات سالفيني بل تبعته تصريحات نارية أخرى عبر نائب رئيس الوزراء لويجي دي مايو الذي وسع من دائرة الهجوم على فرنسا متهما إياها بترسيخ الفقر في أفريقيا والتسبب في تدفق المهاجرين بأعداد كبيرة إلى أوروبا , من خلال انتزاع الثروات من أفريقيا بدلاً من مساعدة دولها على تطوير اقتصادياتها .. ورغم محاولة البلدين التقليل من حجم الخلافات بينهما إلا أن واقع الأمر يقول أن هناك معركة قادمة لكسر العظام بين البلدين مسرحها الأراضي الليبية , وبالتأكيد إن المواجهة بينهما لن تكون مباشرة ونرجح ان تكون بالوكالة عبر الوكلاء المحليين , مالم يتوصلا لتفاهمات فيما بينهما , وبالطبع سنكون نحن الليبيون ضحيتها كالمعتاد , إلا اذا أعدنا قراءة المشهد وتقييم الأوضاع , والاقتناع بأن هذه الدول تهدف بالدرجة الأولى إلى تحقيق مصالحها ثم مصالحها ولن يهمها من امر ليبيا والليبيين الا بمقدار ما تحصل عليه , ومن يقفز على حقائق المنطق سيأتي عليه يوما ويدرك أن الواقع بين مطرقة روما أو سندان باريس سيطحن طحنا ولن يذر إلا الرياح .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى