كتاب الرائ

خط‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمامي

من‭ ‬الأخير
خط‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمامي

هشام الصيد

طبعاً‭ ‬هذا‭ ‬ليس‭ ‬عنوان‭ ‬لمباراة‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬أو‭ ‬لمعركة‭ ‬الرابح‭ ‬فيها‭ ‬خاسر‭ ‬كالتي‭ ‬تدور‭ ‬في‭ ‬ضواحي‭ ‬العاصمة‭ ‬طرابلس،‭ ‬وإنما‭ ‬أقصد‭ ‬هنا‭ ‬المرافق‭ ‬الصحية‭ ‬الموزعة‭ ‬جغرافيا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المناطق‭ ‬وتقدم‭ ‬خدماتها‭ ‬للمواطنين‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬مقار‭ ‬سكناهم‭. ‬
‭ ‬فهذه‭ ‬المرافق‭ ‬أو‭ ‬المراكز‭ ‬الصحية‭ ‬كانت‭ ‬قبل‭ ‬سنوات‭ ‬هي‭ ‬وجهة‭ ‬المرضى‭ ‬لتقديمها‭ ‬الخدمة‭ ‬الطبية‭ ‬عندما‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬الثقافة‭ ‬راسخة‭ ‬لديهم‭ ‬عند‭ ‬توجههم‭ ‬لأقرب‭ ‬مرفق‭ ‬صحي‭ ‬لقناعتهم‭ ‬التامة‭ ‬بان‭ ‬الطبيب‭ ‬المكلف‭ ‬بالعمل‭ ‬على‭ ‬درجة‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬المهنية‭ ‬لثقتهم‭ ‬فيه‭ ‬بتشخيص‭ ‬الحالة‭.‬
‭ ‬فهذه‭ ‬الخدمات‭ ‬والسمعة‭ ‬الحسنة‭ ‬التي‭ ‬نالتها‭ ‬المرافق‭ ‬الصحية‭ ‬نتاج‭ ‬ضمن‭ ‬خطة‭ ‬مدروسة‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الصحة‭ ‬للاهتمام‭ ‬بها‭ ‬لإسهامها‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬في‭ ‬تخفيف‭ ‬العبء‭ ‬على‭ ‬المستشفيات‭ ‬الكبرى‭ ‬والتخصصية‭.‬
‭ ‬فالطبيب‭ ‬يقوم‭ ‬بالكشف‭ ‬عن‭ ‬الحالة‭ ‬في‭ ‬المستوصف‭ ‬ويقدم‭ ‬لها‭ ‬العلاج‭ ‬اللازم‭ ‬فإذا‭ ‬اتضح‭ ‬أنها‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬طبيب‭ ‬مختص‭ ‬يقوم‭ ‬بإحالتها‭ ‬للمستشفى‭ ‬المعني‭ ‬،‭ ‬فهذه‭ ‬العملية‭ ‬كانت‭ ‬سلسلة‭ ‬وذات‭ ‬جدوى‭. ‬وبعد‭ ‬سنوات‭ ‬تغيرت‭ ‬نظرة‭ ‬الناس‭ ‬للمرافق‭ ‬الصحية‭ ‬ولم‭ ‬تعد‭ ‬تتوجه‭ ‬إليها‭ ‬إلا‭ ‬نادراً‭ ‬بسبب‭ ‬الإهمال‭ ‬‭ ‬الذي‭ ‬تعرضت‭ ‬له‭ ‬فأصبحت‭ ‬وجهتها‭ ‬الأولى‭ ‬لتلقي‭ ‬العلاج‭ ‬هي‭ ‬المستشفيات‭ ‬الكبرى‭ ‬مثل‭: ‬طرابلس‭ ‬الطبي‭ ‬وطرابلس‭ ‬المركزي‭ ” ‬شارع‭ ‬الزاوية‭”‬،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬ربكة‭ ‬داخل‭ ‬أقسام‭ ‬الإسعاف‭ ‬فيها‭ ‬و‭ ‬أدى‭ ‬لتدني‭ ‬مستوى‭ ‬الخدمات‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬للمرضى‭ ‬عندما‭ ‬كانت‭ ‬تستقبل‭ ‬في‭ ‬الحالات‭ ‬المحالة‭ ‬إليها‭ ‬من‭ ‬المرافق‭ ‬الصحية‭ ‬فقط‭ ‬باعتبارها‭ ‬مستشفيات‭ ‬تعليمية‭.‬
‭ ‬ومن‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬خطط‭ ‬مدروسة‭ ‬لإعادة‭ ‬ثقة‭ ‬المواطن‭ ‬في‭ ‬المرافق‭ ‬الصحية‭ ‬حتى‭ ‬تعود‭ ‬لسابق‭ ‬عهدها‭ ‬ودعمها‭ ‬بالإمكانيات‭ ‬والأدوية‭ ‬التي‭ ‬يحتاجها‭ ‬المريض‭ ‬حتى‭ ‬تكون‭ ‬وجهته‭ ‬لتلقي‭ ‬الخدمة‭ ‬والرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬اللازمة‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬وضعها‭ ‬الحالي‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تكدس‭ ‬العاملين‭ ‬فيها‭ ‬بمختلف‭ ‬تخصصاتهم‭ ‬ولكنها‭ ‬تفتقر‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬حتى‭ ‬لحبة‭ ” ‬بنادول‭”!.‬

‭ ‬وإذا‭ ‬كانوا‭ ‬جادين‭ ‬لإنعاش‭ ‬قطاع‭ ‬الصحة‭ ‬الذي‭ ‬عاني‭ ‬طيلة‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬من‭ ‬قلة‭ ‬الإمكانيات‭ ‬والتهميش‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬إحيائه‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬عليهم‭ ‬للاهتمام‭ ‬بالمرافق‭ ‬الصحية‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬خط‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمامي‭ ‬والمحطة‭ ‬الأولى‭ ‬للمرضى‭ ‬فهي‭ ‬حجر‭ ‬الأساس‭ ‬لبناء‭ ‬نظام‭ ‬صحي‭ ‬على‭ ‬قاعدة‭ ‬سليمة‭ ‬أسوة‭ ‬بالدول‭ ‬التي‭ ‬سبقتنا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬وأصبحت‭ ‬يشار‭ ‬لها‭ ‬بالبنان‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬الخدمات‭ ‬الصحية‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬للمرضى‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى