كتاب الرائ

تدرج القضاء الليبي  . الجزء الأول

أ.هند عبدالكريم القرقني

استشارات قانونية ..

يـقوم النظام القضائي الليبي على مبدأ وحـدة القضـاء ، ويترك حيزاً ظاهراً للقضاء التخصصي . ولا يوجـد في ليبيا إلا تدرج قضـائي واحد مكون من محاكم جزئية ، ومحاكم ابتدائية ، ومحاكم استئناف ، وعلى رأس هذه المحاكم جميعها محكمة عليا واحدة . كما يرتكز التنظيم القضائي الليبي على مبدأ تعدد المحاكم استجابة لاعتبارين أساسيين أولهما  الامتداد الجغرافي للإقليم الليبي ،  وثانيهما  الحرص على تحقيق عدالة أفضل من خلال تقريب الخدمة للمتقاضين ، وسعياً لسرعة البت في القضايا المعروضة  وهو ما لم يتحقق عملياً والمحاكم في ليبيا موزعة على درجتين من درجات التقاضي ، وتعتبر المحكمة العليا هي الهيئة القضائية الأسمى لمراقبة عمل المحاكم من خلال اختصاص حق نظر الطعن بالنقض أمامها حيث   تختص المحكمة العليا بالنظر في الطعون الدستورية . ويوجد بداخل بعض محاكم هذا النظام ” نظام وحدة القضاء ” نوع من القضاء التخصصي ، وذلك من خلال اعتماد دوائر متخصصة للنظر في بعض القضايا ، ونخص بالذكر منها دائرة القضاء الدستوري في المحكمة العليا ، وهى دائرة تختص وحدها بالنظر في الرقابة على دستورية القوانين ، ودوائر القضاء الإداري القائمة على مستوى محاكم الاستئناف المسند إليها وحدها اختصاص الفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية غير الشرعية ، ويحكم التنظيم القضائي الحالي في ليبيا عدة تشريعات نشير إلى أهمها : قانون المرافعات المدنية والتجارية قانون الإجراءات الجنائية ، .قانون القضاء الإداري وقانون نظام القضاء رقم (51) لسنة 1976.م
قانون المحكمة العليا لسنة 1953 ، والمعدل بالقانون رقم (6) لسنة 1982م،  ووفقاً لنص المادة الأولى من قـانون نظام القضاء رقم (51) لـسنة 1976 يتكون النظام القضــــــــائي الحالي من المحكمة العليا، و محاكم الاستئناف، والمحاكم الابتدائية والمحاكم الجزئية ودون الدخول في التفاصيل الاختصاص وعمل المحاكم ، فإننا نكتفي بالإشارة إلى أهم اختصاصاتها ، وخاصة فيما يتعلق بضمانات حق التقاضي  وذلك على البيان التالي أولا المحاكم الجزئية هي محاكم الدرجة الأولى ، وتختص بالفصل في المسائل المدنية ، والتجارية ، والأحوال الشخصية المبينة على سبيل الحصر ، كما تختص بالنظر في الجنح والمخالفات ، وتُستأنف الأحكام الصادرة عنها أمام المحكمة الابتدائية الواقعة في دائرتها .وتتواجد المحاكم الجزئية في أغلب المدن  الليبية، وبالتالي فهي تمثل مظهراً للامركزية القضائية ، وتعكس مبدأ تقريب القضاء للمتقاضين وثانيها  المحاكم الابتدائية وتضطلع في النظام القضائي الليبي بدورين أساسيين فهي حيناً تنعقد كمحكمة استئنافية ، أي محكمة ثاني درجة للنظر في الأحكام الصادرة عن المحاكم الجزئية الواقعة في نطاقها  ، وأحياناً كمحكمة أول درجة للنظر في المسائل التي لم ينص على اختصاص المحاكم الجزئية ، أو أي محكمة أخرى للفصل فيها،  لذلك  فإنها بهذه الصفة تعتبر من محاكم القانون العام ، بمعنى المحاكم التي تتولى الفصل في جميع المــنازعات ، والجــرائم إلا ما يكون قد استثنى بنص خاص ( المادة 14 من قانون النظام القضائي الليبي ) ،والأصل أن المحكمة الابتدائية تعمل على أساس القاضي الواحد ، ولكن عندما تنعقد كهيئة استئنافية للنظر في الأحكام الصادرة عن المحاكم الجزئية التابعة لها ، فإنها تتشكل من ثلاثة قضاة . والأحكام الصادرة عن المحكمة الابتدائية منعقدة كمحكمة أول درجة قابلة للطعن عليها بالاستئناف أمام محكمة الاستئناف التي تقع في دائرة اختــصاصـهـا المحكمة الصـادر عنـها الحـكم مادة 307 مرافعات ليبي ، أما الأحكام الصادرة عنها  منعقدة كهيئة استئنافية فهي قابلة للطعن فيها بالنقض أمام المحكمة العليا ، وثالثا محاكم الاستئناف هي محاكم الدرجة الثانية بالنسبة للطعون التي ترفع ضد أحكام المحاكم الابتدائية الصادرة عنها كمحكمة أول درجة مادة  307 مرافعات ليبي ، والتي تتشكل كل منها من ثلاثة مستشارين على الأقل . أما الأحكام الصادرة عنها فهي قابلة للطعن فيها بالنقض أمام المحكمة العليا مادة 336 مرافعات ليبي  ، وإلى جانب اختصاصها كمحكمة ثاني درجة للفصل في طعون الاستئناف المرفوعة ضد الأحكام الصادرة عن المحاكم الابتدائية الواقعة في نطاقها ، فإن محكمة الاستئناف تختص ابتداء ، وكمحكمة أول درجة في مسائل الجنايات ، وكذلك في المنازعات الإدارية ، وعلى وجه الخصوص الــمنازعات المتـعلـــقة بإلغاء القرارات الإداريـــة، إذ إن الدعـــاوى المتعـــلقة بمثل هذه المسائل الجنايات و الإدارية  ترفع أمامها ابتداء ، ولا يكون حكمها فيها قابلاً للطعن إلا بطريق النقض أمام المحكمة العليا ونصل أخيرا  إلى أعلى محكمة  وهي المحكمة العليا حيث تحتل قمة التنظيم القضائي  الإداري  الليبي ، وتتولى  أساساً  وظيفة السهر على التطبيق السليم للقانون من قبل المحاكم الأدنى في مختلف المسائل المدنية ، والتجارية ، والأحوال الشخصية ، والجنائية ، والإدارية . بالنظر إلى هذه المكانة التي تحتلها المحكمة العليا في التنظيم القضائي الليبي ، فقد أضفى المشرع على المبادئ التي ترسيها في أحكامها قوة قانونية توازي قوة القواعد الدستورية العادية ، حيث جاء النص على أن ” تكون المبادئ القانونية التي تقررها المحكمة العليا في أحكامها ملزمة لجميع المحاكم ، وكافة الجهات الأخرى في ليبيا  ” وكل الجهات تعني كل مؤسسات الدولة ،وتتألف المحكمة العليا من رئيس وعدد كافٍ من المستشارين ، ومن أهم المبادئ الأساسية التي تحكم الوظيفة القضائية فـي ليبيا  هو مبدأ استقلال القضاء و مبدأ المساواة أمام القانون ومبدأ المساواة أمام القضاء ومبدأ علانية التقاضي ومبدأ التقاضي على درجتين و مبدأ تأمين حــق الدفاع .

وقد أكد المشرع الليبي مبدأ دولة القانون ، حيث حرص على تنظيم الآليات القضائية التي تكفل للأفراد ردع أي اعتداء أو المساس بحقوقهم وحرياتهم .

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى