كتاب الرائ

التسول .. من يُمَول ؟

فيصل الهمالي

دبابيس

التسول .. من يُمَول ؟

فيصل الهمالي

تولي دول العالم المتقدمة اهتماماً بالغاً للبرامج الأمنية لمكافحة الارهاب ، وصممت الكثير من الخطط العملية لتتبع تمويل المنظمات والحركات الارهابية بمختلف ايديولوجياتها وانتماءاتها ، ومن ثم تجفيف منابع هذا التمويل وصولاً إلى الحد من نشاطها وشلها بالكامل .

ومن المعلوم أن كبرى تلك المنظمات لم تعدم الوسيلة لاستحداث وتحديث أنظمة تمويلها العنكبوتية ، والمنتشرة حول العالم ، فكلما كُشف خيطاً من خيوطها و قُطع ، نسجت أخر، فضلاً عن كونها تُجيد اختيار المكان المناسب ، لنسج شبكتها الناعمة بشكل يصعب كشفه ، لاصطياد الفريسة وتحقيق المطلوب بكل هدوء .

ولعلنا خلال السنوات العجاف التي عشناها بمقربة من الارهاب ، واكتوينا بجحيمه بشكل أو بأخر ، أصبح لدى البعض نوعاً من الفطنة والتنبه والوعي ، فصرنا قادرين على التعرف حتى على سبيل التكهن أوالشك، بحقيقة نشاط  “بعض ” المنظمات التي ترفع شعارات الاغاثة والمساعدات الانسانية ، والتي تستخدم الاسلوب الناعم في الترويج لنفسها داخل المجتمعات العاطفية الساذجة في أغلب الأحيان ، ومن ثم تحصيل مبالغ ضخمة من خلال التبرعات والهبات والعطايا ، وحتى الصدقات والزكوات .

القول بأنها “بعض ” المنظمات ، لا يعني أنها قليلة من حيث العدد ، كما لا يقصد التقليل من خطورتها ، ورغم ذلك فأن تتبعها وكشفها أمراً ممكن جداً يحتاج فقط لأجهزة مختصة تدربت على اليقظة والالتقاط ، قبل أن تكون قد أجادت اتخاذ التدابير حيال ما هو مكشوف ، وهذا أمر مرهون بالحسين ” الأمني والوطني ” وهو ما لا يمكن استيراده بالمال للأسف .

تنظيمات التسول ، وجه أخر من وجوه منظمات التمويل الارهابي وأكثرها نعومة ، أو لنسميها التمويل ” العصابي ” – رأفة بأولئك الرافضين باستماثة  فكرة وجود الارهاب في بلادنا – باتت في تزايد مطرد في غفلة منا ، تتسلل إلى جيوب الفقراء قبل الأغنياء ، تستدر عطف البسطاء ، تدخل البيوت ، تتجول في أروقة المؤسسات ، وتبني مع موظفيها العلاقات ، تطلع على الأسرار ، تراقب الحركات والسكنات ، في الشوارع والمساجد والاسواق والساحات ، حتى صارت أشبه بقاعدة للبيانات المتحركة ، وخزائن مال خارج نطاق السيطرة.

بجولة بسيطة في شوارع العاصمة خلال ساعات الذروة ، ومع بعض التركيز عند كل “مطب” أو إشارة ضوئية أو تقاطع ، ستجد متسولة تجيد رسم ملامح الحزن والانكسار على وجهها ، وتتقن إبداء الوهن والمرض على جسدها ، تسرد في براعة تامة وكأنها تُنشد قصيدة رثاء ، عبارات التوسل والاستعطاف ، ليُقبل فاعل الخير متاجراً مع الله ، مناولاً بيمينه ما تجهل يساره ما ” كتب ربي ” .

لست أُشكك في نية المتصدق ،  بل أدعوا للتشكيك في نية السائل وحقيقة أمره ، والبحث والتقصي عن مألات تلك الأموال الطائلة التي تجنيها المتسولات والمتسولين ، لا سيما وأن جلهم من جنسيات عربية ، ولا يخفى عن الجهات ذات العلاقة أن وجودهم في البلاد لم يكن بطريقة شرعية ، فهل من الخطأ لو شعرنا بالمسؤولية و وضعنا فرضية ،أنهم مصدراً لتمويل التنظيمات الإرهابية  ؟  .

وللحديث تكملة وبقية ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى