فلسفة تطور النظام الصحي

د.علي المبروك أبوقرين
بداءت النظم الصحية بالتركيز على علاج المرضى من الأمراض المصابين بها ، وتطورت لتشمل الوقاية منها والتطعيمات ومكافحة الامراض ، ثم حدث الدمج بين الرعاية الصحية الأولية والعلاج والتأهيل ، وحديثا النظم الصحية تتبنى في الآتي .
– الرعاية الاستباقية للتدخل قبل حدوث المرض عن طريق التنبؤ بالمخاطر الصحية.
– الرعاية التنبؤية باستخدام تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي لرصد الأمراض قبل ظهورها.
– الكشف المبكر المجتمعي واعتماد الصحة الواحدة ( One Health ) للربط بين الإنسان والحيوان والبيئة.
– الصحة القائمة على القيمة ( Value Based ) والتركيز على النتائج وليس على الإجراءات.
– العدالة والانصاف ( Equity ) وعدم التمييز على الاساس الجغرافي أو الدخل أو العمل أو الفئة الاجتماعية.
إن تفتيت وتجزئة النظام الصحي إلى هيئات ومؤسسات ومراكز أو أي مسميات مستقلة لها أخطار كبيرة ومنها
– فقدان المسار العلاجي الموحد وضياع المريض بين عدة مسارات مختلفة.
– هدر في الوقت والموارد على المريض والمجتمع والدولة دون أي فائدة تعود على صحة الناس بل تزداد المشاكل الصحية تعقيدًا .
– تكرار العمل والاجراءات وتعارض السياسات .
– تنعدم الاستجابة للكوارث والأوبئة ، وتضيع صحة المجتمع بين الأجسام الموازية والمتعددة والمتنافرة .
– ينتقل المريض بين خدمات صحية تتفاوت في الإمكانيات والجودة والاستجابة بين الفئات والمناطق والمؤسسات.
– غياب العدالة الصحية والانصاف ، ولا وجود لمعنى حقوق المريض الواحد في الدولة الواحدة .
ولأنه لا يمكن تحقيق التنمية البشرية والاجتماعية والاقتصادية بدون نظام صحي متكامل وقوي وفعال ومنصف ، موحد القيادة ومتكامل الأركان ، وإدارة معلومات وبيانات صحية متصلة ومتواصلة من أول نقطة في النظام الصحي إلى آخر نقطة فيه ، ويعكس خدمات مترابطة من التوعية إلى الوقاية إلى العلاج إلى التأهيل ، ويحقق عدالة تامة في توزيع الخدمات والكوادر والموارد ، وربط حقيقي وفعلي بين الصحة والتعليم والبيئة والعمل والغذاء ، ولهذا وللضرورة يجب العمل على إعادة تصميم النظام الصحي حول المريض ( الإنسان) وليس حول المؤسسات ، وإعتماد نظم معلومات موحدة تسبق وتتبع وتلحق المريض طيلة مسيرة الحياة ، والتوسع في الخدمات الصحية المجتمعية توعوية واستباقية وتنبؤية ورعاية أولية ، ولزامًا بالضرورة دمج أهداف العدالة الصحية في جميع سياسات الدولة .
إن البيانات مهمة وكل نقطة فيها تترجم الحياة الحقيقية التي تشكلها البيئات المعيشية ومنها السكن والدخل والعمل والحصول على الرعاية الصحية والحماية الاجتماعية ،
إن التقدم الحقيقي يبداء عند ربط البيانات بالقرارات التي تنقذ الحياة وتحقق الصحة والعافية ..
الصحة ليست قطاع مفتت ولا منعزل وهي المحرك التنموي والعمود الفقري لكل تقدم بشري ..