كتاب الرائ

عودة ابو الفنون 

د.علي المبروك ابوقرين

بمناسبة عودة المسرح الليبي بعد فترة انقطاع دامت أكثر  من عقد عصيب ، ولما لدور المسرح من أهمية في حياة المجتمعات والشعوب كما قال الأديب الالماني برخت أعطني مسرحًا أعطيك شعبًا مثقفًا ، تأييدًا لما قاله ارسطو بأن الإنسان يتميز بغريزة التشخيص والقدرة على المحاكاة ، وفولتير قال في المسرح وحده تجتمع الأمة ويتكون فكر الشباب وذوقه ، وإلى المسرح يفد الأجانب ليتعلموا لغتنا ، لا مكان فيه لحكمة ضارة ولا تعبير عن أية أحاسيس جديرة بالتقدير إلا وكان مصحوبا بالتصفيق.

ولأن الحياة مسرح كبير فالركح ما هو الا تسجيدا لواقع الحياة  ..

والمسرح هو أحدٍ الفنون القديمة عند العرب ، حيث كان في نماذج مختلفة مثل القصاصين والحكواتين الذي يسردون قصصهم ويمثلونها في قوالب مسرحية ، وكذلك المساجلات الشعرية ، والمسرح قوة ناعمة مؤثرة في التواصل مع الشعوب والحضارات والثقافات ، وقديما حل المسرح الاخلاقي محل الناصح وأهل المشورة للباحث عن حلول للمشاكل الحياتية ، والفن ارتبط بالطب من القدم ، وفي العهد الإسلامي  كانت تسافر الفرق الفنية مع الأطباء والمداوين ، ومع نشأت ( البارمستانات ) المستشفيات كان للفن دور مهم في برامج العلاج والترويح في معظم المشافي من النوري بالشام الى ابن طولون بمصر والى مشافي غرناطه العديدة ، والمسرح العربي مر بتموجات عديدة بين صعود وهبوط طيلة قرن ونصف لأنه نشاء تحت سلطة العثمانيين وبعدها الاستعمار الغربي ، وحاول ان يواكب المسرح العربي عصر التحرر والنهضة ، ولعب دورا مهم في حياة الشعوب العربية منذ نشأته الاولى على يد اللبناني مارون النقاش وبعدها سوريا ومصر ..

وليبيا لها تاريخ قديم مع المسرح حيث تواجدت مسارح عديدة يصل عددها 14 مسرح موزعة بين قورينا ( شحات ) ولبدة وصبراته وفي عهد الاستعمار الايطالي كانت تزور ليبيا فرق السيرك والباليه والأوبرا ، ومع بدايات القرن العشرين قدمت فرقة محمد قدري بعض العروض ، وبعد عودة محمد عبدالهادي من بيروت أنشأ أول  فرقة مسرحية بمدينة طبرق سنة 1928 وأنتقل  بعدها بعامين لتأسيس أول فرقة مسرحية في درنة عام 1930 ، وبعد الحرب العالمية التانية وبعد الاستقلال تأسست فرق عديدة وكان للمسرح دور عظيم ، وأستضاف المسرح الليبي عمالقة المسرح العربي وقدموا عروض مسرحية عظيمة ، وعودته الآن  بهذه القوة عودة الحياة للثقافة فالمسرح نشاط فكري تعبيري عن المشاعر والدوافع والعلاقات الاجتماعية والانسانية ، وهو صناعة ضخمة من كتاب ومخرجين وممثلين وموسيقيين وملحنين ومطربين وكورال وصوت وإضاءة وملابس ، وتقنيات عالية وتكنولوجيا متطورة ،والمسرح مرآة المجتمع نرى فيه أنفسنا ، 

انها عودة محمودة قادتها كوكبة من النجوم الكبار نفتخر ونعتز بهم كانوا كعادتهم قمة في التألق والإبداع والتجديد .

وبهذه المناسبة نرجوا من صناع القرار وكل من له علاقة ان يهتموا بالثقافة ويجعلوها تؤام التعليم والصحة وأن نرى في كل مدينة ليبية صروح ثقافية متجاورة لمجمعات صحية متكاملة ومنارات علمية متقدمة ، وأن تخصص لهم الإمكانات والدعم والتشجيع وليبيا غنية بابنائها ومبدعيها وتراثها ، ومتمسكة بقوة بهويتها ودينها ..

وغداً.. سيزهر الليمون

وتفرح السنابل الخضراء والزيتون

وتضحك العيون..

وترجع الحمائم المهاجرة..

إلى السقوف الطاهره

ويرجع الأطفال يلعبون

ويلتقي الآباء والبنون

على رباك الزاهرة..

يا بلدي يا ليبيا ..

أعطني مسرحًا ومدرسة ومشفى أعطيك شعبًا عظيمًا بالعلم والصحة والرفاه ينعم ولا يشقى*

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى