كتاب الرائ

نيومي كلاين 

محمد ابوالقاسم الككلي

قضايا

محمد ابوالقاسم الككلي

نيومي كلاين 

كاتبة كندية اصدرت كتابها (عقيدة الصدمة )عام 2011، وقد تناولت فيه بالتحليل الأسس النظرية وتاريخ التطبيقات العملية لسياسة الاستغلال الأقصى للصدمات التى تتعرض لها الشعوب بغض النظر عن طبيعة هذه الصدمة (كوارث طبيعية، حروب، نزاعات محلية، غزو عسكري الخ )’
وتقوم نظرية الصدمة على فكرة ان (الأزمات تجعل ما هو مستحيل حدوثه سياسيا، أمرا قابل

للتحقيق في ظل أزمة عنيفة ) .

هذه النظرية ظهرت في كلية الاقتصاد (جامعة شيكاغو )على يد ملتون فريدمان وتبنتها الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي رونالد ريغان ‘

وقبل أن تتحول (عقيدة الصدمة )إلى نظرية اقتصادية كانت قد نشأت في الخمسينيات من القرن الماضي في مجال الطب النفسي حيث تعاونت وكالة الاستخبارات الأمريكية مع الطبيب النفسي الكندي (ايوين كاميرون )وقامت بتمويل ابحاثه في مجال استخدام الصدمة الكهربائية على المرضى بهدف تحويل ادمغتهم إلى صفحة بيضاء لإعادة كتابة المعلومات الملائمة عليها، حيث رفض كاميرون نظرية فرويد (المعالجة بالكلام )،فهو لم يسعى إلى معالجة المرضى بل إلى إعادة صياغة أفكارهم من جديد عن طريق أسلوب جديد سماه (القيادة النفسية )وتهدف طريقته إلى إعادة دماغ المريض صفحة بيضاء عن طريق مهاجمته بالصدمة الكهربائية لمحو كل السلوكيات القديمة ‘

الصدمات الكهربائية تسبب فقدانا للذاكرة ونكوصا سلوكيا، بعض المرضى يمصون اصابعهم عند انتهاء الجلسة، وبعضهم يشعر بالفراغ المطلق، تقول إحدى المريضات بعد تعرضها للصدمة (بت الان اعرف ما كان شعور حواء حقا عندما خلقت من ضلع آدم بدون أي ماض، انا اشعر بالفراغ الذي شعرت به حواء )’

وقد شكل هذا الفراغ النتيجة المطلوبة بالنسبة لكاميرون وفقدان جميع المعلومات المكتسبة هو ما يبحث عنه، فهو اساسا يبحث عن إعادة مرضاه إلى الطفولة ‘

كاميرون كان يعتقد أن ثمة عاملين يتيحان لنا الحفاظ على ادراكنا البيانات الحسية التي ترد لنا باستمرار، والذاكرة، لذلك حاول إلغاء الذاكرة عن طريق الصدمات الكهربائية والمهلوسات، وحاول إلغاء البيانات الحسية بواسطة العزل التام ‘

تقول كلاين (ارتكزت مهمة ميلتون فريدمان، كما كانت مهمة كاميرون، حلم العودة إلى تلك من الصحة -الطبيعية -التي كان التوازن مستتبا على نحو كامل بعيدا عن تدخل الإنسان وانتاجه انماطا مشوهة، كما حلم كاميرون بإعادة ذهن الإنسان إلى حالته النقية، كذلك حلم فريدمان بتفكيك نمط المجتمع وتحويله إلى حالة من الرأسمالية النقية من جميع التشويشات الخارجية )’
وتقول الكاتبة إن التعبير الادق الذي يصف نظاما يسقط الحدود بين الحكومات والأعمال الكبرى ليس (الليبرالية )أو (المحافظة )أو (الرأسمالية )بل (المؤسساتية )ومن الميزات الرئيسية لهذا النظام :
1 -التحويلات الضخمة للثروات من القطاع العام للقطاع الخاص ‘

2 -اتساع الهوة بين أصحاب الثروات والفقراء ‘

3 -قومية عدائية تبرر الإنفاق الهائل على حفظ الأمن ‘

العراق وعقيدة الصدمة ‘

أن ما جرى في العراق هو تطبيق لعقيدة الصدمة فالهجوم المكثف على هذا البلد وتدمير بنيته التحتية بشكل تام رغبة في محوه وإعادته صفحة بيضاء، أي إلى العصر الحجري، هذا (الصدم)المفرط ولد نتيجة غير متوقعة بالمرة وهي تعزيز عزيمة الناس واصرارهم على المقاومة ‘
تقول كلاين :ما حدث في العراق كان تبنيا صريحا لعقيدة الصدمة (الوقت الأفضل للاستثمار هو حين يكون الدم لا يزال على الأرض )هذا ما تقول انه صرح به أحد المندوبين في المؤتمر الثاني لإعادة إعمار العراق ‘

كلاين تقول :أن الحرب طريقة من طرق التعذيب الجماعي، فقد رمى الجيش الأمريكي أكثر من ثلاثين ألف قنبلة على العراق إضافة إلى عشرين ألف صاروخ كروز أي 67 في المئة من عدد الصواريخ المصنوعة، كانت عقيدة (الصدم )والترهيب عقيدة عسكرية تفاخر بأنها لا تستهدف قوات العدو العسكرية فحسب بل (المجتمع بأسره )كما يشدد واضعوها (فالخوف الجماعي هو جزء أساسي من الاستراتيجية )’

ولتحقيق هذا الهدف ضخت وسائل الإعلام تقارير مرعبة للعراقيين عما سيحدث لهم ولبلدهم وذلك عبر السواتر والاتصالات الهاتفية من الخارج، فامضوا أشهر يتخيلون فظائع (الصدمة والترهيب )وفي استعراض مماثل تم إلقاء الضوء على ام القنابل قبل بدء الحرب ‘
ويقول العديد من العراقيين :أن تعطل شبكة الهواتف كان الجزء الأكثر رعبا في الهجوم الجوي ‘لأن عدم إمكانية معرفة مصير الاهل والأصدقاء والأقارب في ظل تساقط القنابل، كان عذابا حقيقيا كما تنقل الكاتبة عن سكان بغداد ‘

وبعد السمع حان دور النظر، فجأة وبدون مقدمات غرقت بغداد يوم 4 أبريل 2003 في ظلام دامس، وبعد ذلك جاء وقت الراحة في استراتيجية التعذيب، ففي هذا الوقت تتم إهانة المعتقل ونهب رموزه الحضارية وتدمير التراث العراقي عبر سرقة المتاحف والمكتبات الوطنية ومختبرات الجامعات، وقد شبه عالم الآثار -ماكغوير غيبسون -هذه العملية ب (جراحة فص الدماغ)’
من جهته وصف -ماكفرسون -المسؤول عن إعادة الإعمار وهو أحد رجال (شيكاغو )النهب بأنه نوع من تقليص القطاع العام، لذلك لم ينزعج منه، وترافق التعذيب الجماعي للشعب العراقي مع انتشار التعذيب الجسدي الفردي على نطاق واسع فقد بلغ عدد المعتقلين في ثلاث سنوات ونصف الأولى من الاحتلال 650 الف معتقل استخدمت كل تقنيات التعذيب الجسدي معهم ‘
تقول كلاين :ظهرت صدمة غرفة التعذيب بحسب االتسلسل الزمني -فور بروز صدمة بريمر الاقتصادية الأكثر إثارة للجدل ‘

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى