كتاب الرائ

مفترق طرق !

عصام فطيس

بإختصار ..
 
 
عكس البيان الصادر عن بعثة الأمم المتحدة للدعم لدى ليبيا عن قلق أممي لحالة الاستقطاب الحادة التي تشهدها المناطق الليبية والتي طفت على السطح في الآونة الأخيرة مع انطلاق الاحتجاجات الشعبية ضد تردي الأحوال المعيشية في مختلف المناطق الليبية من انقطاع متواصل للتيار الكهربائي رغم صرف المليارات لتحسين الخدمة ، إضافة لازمات السيولة النقدية والطوابير المستمرة للمواطنين مِن اجل سحب مرتباتهم ومدخراتهم وعدم تمكنهم من ذلك ، يقابله فشل اخر متمثلا في القطاع الصحي الذي عجز عن تقديم الخدمات الطبية لليبيين وتوفير العلاج والدواء لهم ، وكذلك الفشل في تقديم ابسط الخدمات الضرورية، وانتشار الفساد في جل اجهزة الدولة هذا كله واسباب اخري فجر حالة من الاحتجاجات الشعبية صاحبتها بعض اعمال العنف واطلاق للنار وحملة اعتقالات طالت الناشطين والمتظاهرين ، وكانت هذه الاحتجاجات القشة التي اماطت اللثام عن حالة التناقض التي تعيشها السلطة الحاكمة في ليبيا وخاصة بعد البيان الصادر عن وزارة الداخلية التي اكدت على حمايتها للمتظاهرين السلميين ورفضها لاي عنف في التعامل معهم ، في الوقت الذي سارع فيه المجلس الرئاسي الى اصدار جملة من القرارات عكست تضاربا في التعامل مع الاحتجاجات وغياب الرؤية الثاقبة في ادارة الدولة ، واتخاذه لسياسة الهروب الى الامام ومحاولة إلقاء الفشل على شماعة الاخرين .
وتؤكد حالة المخاض التي تعيشها ليبيا الان تجذر الوعي لدي قطاعات عريضة من الشعب الليبي التي تطالب بضرورة اسقاط الطبقة السياسية التي تحالفت مع الاوليجاركية المالية مما خلق وضعا غريبا ادي لانتشار الفساد بشكل لا مثيل له ، وجعل بلادنا وفقا لمؤشرات الشفافية العالمية في مقدمة الدول التي عّم فيها الفساد على جميع المستويات ، وذلك بفضل جهود مسؤوليها
حيث اصبحنا نعد من أكثر الدول فسادًا في العالم، حيث جئنا في المركز 168 بين 180 دولة، وبيننا وبين المرتبة الاخيرة اثني عشر مركزا وتتفوق علينا السودان واليمن وسوريا والصومال في المراكز 173 و177 و178 و180 .
الان نحن في مفترق الطرق ، ولابد من وقفة لاعادة تقييم الامور بموضوعية والابتعاد عن الاصطفافات الجهوية والمصلحية ، وان نغلب مصلحة الدولة على المصالح الشخصية الضيقة ولعل اولي الخطوات اللازمة التي من المفترض أن يتبناها المجلس الرئاسي وبشكل عاجل ( بعيدا عن الاجراءات المالية ) اطلاق سراح الموقوفين والمعتقلين السلميين ، واحالة المتورطين في اعمال العنف واطلاق النار الى القضاء ، مع ضرورة العمل على اطلاق حملة وطنية لمحاربة الفساد الظاهر للعيان و الذي استشري في جل مفاصل الدولة ، وإطلاق حوار مجتمعي شامل للخروج من هذا الوضع ، دون ذلك فسنجد انفسنا نواصل الغرق في هاوية لا قرار لها ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى