كتاب الرائ

مسارات السلام الليبية !

▪بإختصار ..

عصام فطيس

منذ اليوم الأول لاندلاع القتال في طرابلس ، كان رهاننا على السلام و وقف الاقتتال بين الليبيين وعدم الانجرار وتحويل بلادنا لساحة تصفية للصراعات بين الأطراف الإقليمية التي عملت على تأجيج الصراع بين الليبيين .

اليوم وبتوقيع الأطراف المتصارعة في جنيف اتفاقا شاملا لوقف إطلاق النار ، يبدوا أن الأزمة الليبية في طريقها للحل ، وأخذت منحي ايجابيا بعد ان تمكنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا من كسر حالة الجمود التي اعترت الأوضاع طوال المدة الماضية بعد انسحاب قوات القيادة العامة من طرابلس إلى سرت والجفرة .

البعثة الأممية في ليبيا برئاسة الأمريكية ستيفاني ويليامز ( مدعومة من بلدها ) تمكنت من تحقيق ما لم يتمكن سابقيها من إحرازه ، ونجحت في هذا الوصول إلى هذا الاختراق الهام الذي سيسهم في خلق أجواء ايجابية وتهيئة الأرضية لانطلاق المسار السياسي للحوار بين الأطراف الليبية بتونس في التاسع من نوفمبر المقبل ، والذي جاء استكمالا للحراك السياسي الذي شهدته بوزنيقة في المغرب ومونتيرو في سويسرا .

إتفاق جنيف جاء ليضع حدا للاقتتال بين الأطراف الليبية نتيجة لضغوطات دولية على الأطراف الإقليمية الداعمة لطرفي النزاع ، وخاصة بعد ان ألقت الولايات المتحدة بثقلها وراء الجهود الأممية لوقف النزاع ، وتمكنت من تثبيت الهدنة أولا وصولا إلى هذا الإعلان، الذي تضمن آليات واضحة لتنفيذه من خلال إنشاء غرفة عمليات مشتركة و انسحاب المرتزقة خلال تسعين يوما وصولا لتفكيك الجماعات المسلحة المنتشرة في ربوع ليبيا ودمجها في المؤسسة العسكرية والشرطية وفقا لبرنامج معد مسبقا .

ورغم توقيع هذا الاتفاق الا انه لازال الحديث مبكرا عن عودة الأمن والاستقرار في ليبيا ، وخاصة في ظل وجود أطراف محلية ( وإن كانت لم تعلن ذلك ) رافضة لأي جهود لعودة الهدوء الى ليبيا لان ذلك سيؤدي الى إقامة دولة ومؤسسات حقيقية مما سيضع حدا للفوضى والانفلات الأمني وسرقة ونهب المال العام ، وهي لن تألوا جهدا لاستمرار ذلك .

وإذا كانت البعثة الأممية قد نجحت في المسار العسكري بعد أشهر من اللقاءات الماراثونية بين الأطراف الليبية ، وكذلك في الجانب الاقتصادي بعد الاتفاق الذي وقعه نائب رئيس المجلس الرئاسي السيد احمد معيتيق مع ممثلين عن القيادة العامة ، وهو الاتفاق الذي أسهم بشكل مباشر في نزع فتيل الانفجار ، ولقي في حينه معارضة من المتطرفين وأنصار الفوضي ، ولكن مع انطلاق عمليات تصدير النفط وبدء التدفقات المالية خرست الأفواه ، ومع ما تحقق إلا أن القادم أصعب بكثير وخاصة في الجانب السياسي الحافل بالتفاصيل ، والشيطان يكمن في التفاصيل على رأي الانجليز ( ملوك التفاصيل ).

مسارات السلام الليبية انطلقت و وضعت على السكة والقادم أصعب .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى