كتاب الرائ

قيمنا الثقافية إلى أين ?

■ خليفة الرقيعي

قيمنا الثقافية إلى أين ?

 

الحلقة الخامسة

لقد حان الوقت والضرورة لاختيار الذين يتولون أمور مؤسساتنا الثقافية ليكونوا نخبة المجتمع ويؤمنون بأن الثقافة رسالة ومعرفة تنظيمية عميقة لتحقيق النظام أو الأنماط الحياتية الملائمة والمطلوبة . وأن تبدأ هذه النخب بترسيخ الاعتماد على التقويم الموضوعي لواقعنا والتفضيل الإيجابي والولاء للقيم والإصلاح لحياة الفرد والجماعة حتى تكون حياتنا حبلى بنتائج أفضل وأعم وأن نكون قادرين على مواكبة التطور وتحقيق القيم الخلقية والاجتماعية المترابطة مع القيم الديمقراطية في المجالات السياسية والاقتصادية .. في ضوء هذا كله , نرى أن نقد مؤسساتنا الثقافية كان ومازال على أساس الواقع الثقافي المتردي الذي نعيشه , وكل ما نقصده هو أن ما تمثله مؤسساتنا الثقافية الحاضرة لا يتزيد عن الهروب من الواقع وتبريره . ليس هنا , بأي حال , لفرض ما نقصده ولذلك سنكتفي ببعض التعليقات العامة المختصرة.. ما نقصده بالهروب عن الوقع وتبريره هو السلبية كما نراها في مؤسساتنا الثقافية . أى ليس لهذه المؤسسات منهج ثقافي , أي أنها غير علمية في سيرتها الثقافية . بمعنى أشمل وأدق , أن كل محاولات هذه المؤسسات دون أدنى ما يجب إنجازه بكثير وتتسم هذه المحاولات بطابع اليأس والفشل وكآنها ليس لها غايات تجذب القاعدة الشعبية الليبية …. والواضح أن الشغل الشاغل لإدارات هذه المؤسسات لا يزيد عن المصالح الشخصية التي لا قيمة لها . وإذا كان هذا هو الحال بهذه المؤسسات فمن العبث حقاً أن نتوقع وجود اهتمام جاد لديها بمشكلاتنا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المعاصرة … ومن التعسف أن نتوقع أن يكون لدى هذه الإدارات حلول إيجابية تساعدنا , وبقدر الإمكان , على فهم الحاضر على أسس علمية – موضوعية تساهم في التخطيط للمستقبل.. وخير ما يجسّد فشل هذه المؤسسات وإداراتها هو استفحال الأنانية فيما بيننا وابتعادنا عن كل ما هو شرعي وقانوني مطلوب , وظهور دكتاتورية الفرد والقبيلة وغياب كل الأساليب الديمقراطية لممارسة السلطة .. لم يعد هناك قيود تفرض على من يتقدم لترشيح نفسه ليكون رئيساً أو وزيراً أو مسؤولاً , كل ما يحتاجه المرشح هي القدرة المالية لتغطية المصاريف اللازمة وشراء الأصوات التي لا ولاء لها للوطن مع ضرورة انتمائه لإحدى الشرائح الذائعة الصيت والقوة لضمان الوصول إلى السلطة .. فهل يحق لنا أن نتساءل أين دور مؤسساتنا الثقافية من هذا وذاك ? في الواقع لم تحرك ساكناً حتى بعد أن انتزعت منا الحقوق التي من المفروض , لا يمكن انتزاعها … وهي الحقوق الإنسانية الطبيعية التي سبقت كل تنظيم سياسي . هذه الحقوق تّمثل الحق الطبيعي لكل إنسان على وجه الأرض والمبنية على المساواة . أي حق عام قام عليه إعلان حقوق الإنسان لعام 1789 م . كل ما ألم بنا متولد عن الأنانية الفيئية القليلة ضد الجميع . والحق أنه لولا العناية الإلهية المتسامحة ما حق لنا , نحن الليبيين , أن نكون على هذه البسيطة وذلك لما اقترفناه في حق الله والعبد طلباً وحباً للجاه والمال والسلطة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى