كتاب الرائ

شروط المصالحة الناجحة –

خليفة الرقيعي -

ضمن روط المصالحة الوطنية الناجحة

خليفة الرقيعي

لايخلو أي مجتمع في العالم من التعرض إلي بعض المشاكل والقضايا على اختلاف جوهرها وأسبابها وسلبياتها ، مهما كان استقراره وتطوره .

لذا فهي أمر طبيعي جداً . لكن زاد عن حده ويحتاج إلي مناقشات متتالية ومتجددة لإيجاد توجيهات محددة وإعداد برامج ثقافية وتربوية وتنموية  واجتماعية كفيلة بتشخيص أعراض محتنا وعلاجها في أقص وقت وبأقل تكاليف .

التعرف على عوامل محنتنا ، إذا ، مسآلة هامة وفي حاجة لتحليها تحليلاً عميقاً حتى تظهر بوضوح كاف لأقناع الرآي العام الليبي بحتمية مواجهتها والفصل فيها . ومن المؤكد أن تكون هذه العوامل متعددة ، منها الديمقراطية والاقتصادية وغياب البنية التحتية العصرية وانخفاض مستوى التراكم ووتائر نمو الدخل القومي وغيرها . وقد تستوجب كل منها حملة واسعة النطاق لولادة واقع اجتماعي جديد يضمن ، وبسخاء ، ارتباطاتنا البنيوية الاجتماعية والثقافية الإيديولوجية لتناسب مع مرحلة التطور المستقبلي المنشود .

واقعنا الاجتماعي الراهن هو الذي يجسد تخلفنا بعينه وفتح الباب على مصرعيها للشعوذة السياسية والاقتصادية التي تمارسها مؤسساتنا العامة التي أول من انبرىء إلى استغلال هذا التخلف إلى حد وكاد يصبح من العبث اصلاحة . وعلى هذا الأساس لابد من مناقشة هذا التخلف مناقشة مستفيضة وجادة وأن نبين سلبياته في ضوء الوضعية الليبية الراهنة قبل الخوض أو الرهان على المصالحة الوطنية .

يجب ، نحن الليبييون ، أن تعترف وننقد واقعنا الحاضر . فنحن لسنا مجرد متخلفين عن غيرنا في سلم التقدم الاجتماعي والثقاافي وانخفاض مستوى معيشتنا بل قطعنا شوطاً بعيداً في الاتجاه المعاكس للنمو ونسير سيراً حثيثاً ، ورهن ، في طريق الانحطاظ .

قد يفسر البعض هذا الانحطاط بأعتباره من ضمن سلبيات فترة الانتقال من حالة النشوء إلى مرحلة النضوج التي تتسم عادة بالفوضى والتجاوزات إلا أن واقعنا لا يبشر بأي أفاق مستقبلية إيجابية لصالح تطورنا للأفضل والارشد ولو بعد حين ، وكل ما نراه ، حسب قناعتاتنا ، لايزيد عن سياسات يبرر أغلبها القهر والنهب والظلم ولا تتسم قط بالوضع الطبيعي ومخالفة للصراط المستقيم الذي يجب اتباعه .

نحن دولة لا تعاني من فائض في المصادر البشرية ولدينا رؤوس أموال اسطورية ضخمة ، وكل مواردنا النفطية موجهة للتصدير ، ولنا مصادر منتجة للخامات الزارعية والمعدنية ، كفيله بتحقيق الاكتفاء الذاتي والنمو الاقتصادي المعيش .. إلا أننا مازلنا نعيش تخلفاً مرتبطاً بغياب الحد الأدنى للقاعدة الثقافية وتخلف ينطوي على تركيبة اجتماعية متخلفة متعصبة وتخلف ناتج عن عدم التنسيق بين عوامل الإنتاج الإصلاح أمورنا الاقتصادية .

بناء على ما تقدم ، نرى أن ضمن شروط المصالحة الوطنية الناجحة ضرورة ارساء دعائم الخير والمساواة واجتثاث بذور التعصب والعنف والاستبداد والعدوانية والظلم . بمعنى مواجهة كل صور العداء والعراقيل ضد سبل التطور والسلام فيما بيننا وذلك عن طريق تفعيل القانون ، وبقوة ، ضد كل مخالف ودون أي استثناء .

لم تعد ظروف بلادنا خافية على أحد . فقد فشلت كل محاولاتها نحو تحقيق استقرارها السياسي وأمنها وسيادتها والحيلولة دون إفلاس مؤسساتها وذلك جراء سياسات دون مستوى التصديق يمارسها أفراد وجماعات مارقة استغلت ظروفنا القاسية لتحقيق مآربها المادية والسلطوية . لذا لا يمكن أن تجدي المصالحات الوطنية أي نفعاً يذكر بمعزل عن اتخاذ موقف شعبي صادم وموحد يرفض هؤلاء المارقين على نحو معين يحقق الرشد والكفاءة وأنماط التفاعل والتنسيق والسلوك الإيجابي .

هؤلاء كانوا ومازالوا وراء ظهور توعية جديدة من البورجوازيه العفنة التى مزقت النسيج الاجتماعي الليبي .. رغم أنهم لا يمثلون إلا جزءاً صغيراً وضئيل القيمة في المجتمع الليبي . إلا أن هؤلاء اتسموا بسمات موحدة وحدت جهودهم ومكونات نفوذهم وهي السيطرة على ثرواتنا بأكملها وأصبحوا المؤسسين الفعلين لكل التأثيرات السلبية والمحور الذي تدور حوله جميع قضايا تخلفنا الحاضرة

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى