كتاب الرائ

ذهبت مع الريح –

عصام فطيس -

باختصار

عصام فطيس

ذهبت مع الريح

مع ارتفاع أزيز الرصاص وأصوات الصواريخ والانفجارات التي طغت على المشهد في طرابلس تضمحل فرص التوصل لحل سياسي للازمة الليبية بعد ان قرر الفرقاء اللجوء الى القوة لحسم خلافاتهم .

ودون الخوض والبحث في أسباب تفجر الاوضاع وخروجها عن السيطرة لابد ان نشير الى مسألة هامة جدا الا وهي اننا اقتربنا بصورة واقعية مما يحدث الان حيث أشرنا في زاوية نشرت بتاريخ 31 يناير من العام الجاري في الصحيفة الى ان كل الظروف والأجواء المحيطة بِنَا تنبيء بأن المعركة التي خاضتها قوة حماية طرابلس ضد اللواء السابع لن تكون  اخر المعارك وكل  معركة  ستلد اخري ولَم يكن هذا رجما بالغيب ولكن قراءة للأوضاع الليبية ، لاعتقادنا جازمين ان اي معركة ستنشب بين الليبيين  هي استمرار لمعارك بدات منذ العام 2011 م ولَم تنته الى يومنا هذا ، ولا نعتقد انها ستنته قريبا في ظل حرص الغرب على عدم حسم الامور بعد 2011 م وتفضيله الانسحاب من المشهد الليبي ، وتركه البلاد غارقة في فوضي مع وجود حكومات غاية في الضعف ، لم تتمكن من اعادة الهدوء والأمن الى البلاد رغم الميزانيات المهولة التي صرفت  لوزارات و وزراء الداخلية المتعاقبين .

واذا كانت بعض الاطراف تري ان المعارك المندلعة حاليا على تخوم طرابلس قد قضت على اي فرصة لاحلال السلام والتقارب  بين اطراف الصراع متمثلة في الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر وقوات حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج ، الا ان الفرصة قد تكون مؤاتية  رغم تعقد الاوضاع نتيجة دخول اطراف اخري سعت وتسعي الى تصفية حساباتها بعد هزيمتها في الشرق الليبي وهي من هذا المنطلق تسعي الى اطالة امد الصراع وتبديد اي فرصة لعودة الاستقرار الى ليبيا ، مستغلة في ذلك جملة الأحداث المتلاحقة في المنطقة التي وجهت الأنظار الى كل من الجزائر والسودان واللتان لعبتا دورا سلبيا في تأجيج الاوضاع في ليبيا كل حسب مخططاته وان كانت للسودان اليد الطولي في ذلك  .

وفي جميع الأحوال الخاسر الأكبر من هذا الصراع الدموي يبقي الشعب الليبي الذي تستنزف امكاناته البشرية والمادية كل يوم ، في ظل غياب المرونة من اطراف الصراع في التعاطي مع الخلافات فيما بينهم ، ولا ننسي هنا دور العامل الخارجي وتحول ليبيا الى ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية .

وسط هذا كله نتطلع الى حدوث أمرين ام معجزة آلهية او ضغوط دولية توقف هذا الاقتتال وعودة الامن والسلام الى بلادنا  ويكفي الليبيين دماء ودمار ، والى ان يتحقق ذلك سننتظر وكلنا امل الا نندم على فرصة لإعادة بناء الوطن ذهبت مع الريح .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى