كتاب الرائ

رموز ونجوم في سجل العمر

محمود السوكني

رموز ونجوم في سجل العمر

محمود السوكني

 

رغم أن “عبداللطيف بوكر” كان صديقاً للجميع بما يتمتع به من دماثة خلق وطيب معشر إلا أنني أزعم أن علاقتي به كانت وطيدة جداً ، كنَا لانزال نتمتع بمرحلة العزوبيَة وعندما نلتقي في أي يوم وعندما نفرغ من مشاويرنا يرافق أحدنا الآخرالى مقر سكناه وما أن يصل إلى بيته وكانت عائلته تقطن في شارع الزاوية خلف المختبر المرجعي إلَا ويصر على مرافقتي إلى حيث أسكن في زقاق أبودينة الواقع بين شارعي (بن عاشور) و(فشلوم) وما أن نصل إلَا واصر من جهتي وألح في هذا على مرافقته إلى مكان سكناه (!) حدث هذا لأكثر من مرَة حتى إتفقنا على أن من تخدمه المشاوير التي نقضيها وقرب آخرها من سكنه يودِع الآخر حتى لقاء جديد . من ضمن هوايات أو فلنقل مواهب “بوكر” إتقانه للرسم التشكيلي وقد إشتهر في منطقة سكناه برسم جداريَة (بورتريه) للملك و ولي العهد على واجهة البيت ، كما كان شديد التعلق بأفكار الشاعر الحقوقي والسياسي المعروف “عبدالحميد البكوش” وكتب مناصراً دعوته نحو إحياء ( الشخصيَة الليبية ) . أسستُ و”عبداللطيف” ومعنا رجل الرياضة القدير “بشير الطرابلسي” جمعية لمكافحة التدخين لم نشهرها رسميَاً ولكننا دعونا لها ونشرنا ولو شفاهة أهدافها ، كما إشتركت والعزيز “بوكر” في تشكيل جمعيَة أخرى ضد الزواج (!) وكُنَا –ننتقم حبَياً- من أصدقائنا المتزوجين بإعداد قائمة بهم بداية كل شهر رمضان و وضع جدول لتناول وجبة الإفطار كل يوم عند واحد منهم بإتفاق مسبق . ذات مرة كنت في رحلة خارجية الى الشقيقة مصر وسمعت أثنائها بخبر عقد قرآن الحليف “عبداللطيف بوكر” فأبرقت إليه محتجاً ومستنكراً ( سمعت بإشاعة زواجك أرجو تكذيب الخبر ) طبعاً لم يرُد ولم يكذب فقد كان الخبر صحيحاً ولم يكن إشاعة كما إعتقدت وكرد فعلٍ فوري عدت إلى عادة التدخين السيئة معرباً عن إحتجاجي ومنسحباً من الجمعيَة الأولى ولكنني لم استطع مجاراته –في ذلك الوقت- في الإنسحاب من الجمعية الآخرى والوقوع في شرك الزواج ! كان لابد أن اعرض لبعض ملامح علاقتي الوثيقة بالصديق “عبداللطيف بوكر” الذي كتبت عنه ذات مرَة في صحيفة (الحريَة) في سبعينيات القرن الماضي مقالاً عنوانه ( عن عبداللطيف بوكر أحدثكم ) نشره الزميل “عبدالرحمن الجعيدي” الذي كان مشرفاً على الصفحة الرياضيَة أنذاك ، كان لابد أن أعرض لذلك حتى يتبين للقارئ عمق الصداقة التي كانت تربطني به وتدفعني إلى ترك الوظيفة الحكوميَة والإنسياق وراء حلم العمل المستقل الذي نتحرر فيه من ضوابط الدولة وقيودها أو هكذا ترأ لي ، غير أن هذا الحلم لم يدُم طويلاً وتم وأدهُ قبل أن تتشكل ملامحه إذ صدرت التعليمات بإقفال المطبوعات الخاصة ومن بينها صحيفة (الرأي) كما اسلفت وجاءت لجنة للتصفية يرئسها الصديق فيما بعد “إرحومة الجدي” لحصر أصولها لضمها إلى المؤسسة العامة للصحافة ولم يكن العاملين –نكاية فيهم- من ضمن الأصول ! كان “عبداللطيف بوكر” حينها رئيساً لإتحاد كرة القدم الذي يقع مقره في عمارة بمنتصف شارع أول سبتمبر(24 ديسمبر الآن) وهو بالمناسبة من كان وراء تأسيس الإتحاد العربي لكرة القدم في ليبيا وتولى رئاسته ولم يتبقى لنا الآن في ذلك الإتحاد سوى عضوية مجحفة بعد أن فقدنا فيه كل شئ ! كُنا نلتقي في مقر إتحاد الكرة نتدبر الأمر وندرسه بعد أن إنتهت عملية الجرد وذهبت (الرأي) الى أصحابها الجدد ، لم يكن لكلينا مصدر دخل آخر وقد نفذ ما كان بحوزتنا فإقترح عليَ غفر الله له وهو يداري خجله أن اتطوع بالعودة للعمل في المؤسسة العامة للصحافة حتى نضمن دخلاً يكفينا مذلة السؤال إلى حين ، لم أجد غضاضة في ذلك وتقدمت بطلب العودة الى سابق عملي في المؤسسة وقد ساعدني في ذلك ووقف معي بل وكتب الطلب بخط يده الصديق العزيز الشاعر ” إدريس إبن الطيب” الذي كان واسطتي لدى الأستاذ “عمر الحامدي” لإقناعه بقبول طلبي وكان الأمر كذلك .

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى