كتاب الرائ

رموز ونجوم في سجل العمر (13)   –

محمود السوكني -

رموز ونجوم في سجل العمر (13)

محمود السوكني

أثناء العمل في إدارة الإعلام الخارجي أطلق الرئيس المصري ” أنور السادات ” دعوته إلى تأسيس المنابر وكانت مفاجأة لم يكون ينتظرها أشد المتفائلين في مصر التي أنهت ثورتها تسلط الأحزاب وهيمنتها على الساحة السياسيَة إلَا أن “السادات” في إنحراف عن مباديء ثورة يوليو وتراجع عن خط الرئيس الراحل “جمال عبدالناصر” الذي وعد بالسير على خطاه رأى غير ذلك وجنح بالمسيرة إلى حيث يشتهي . كانت المنابر توطئة لعودة الأحزاب السياسيَة وهذا ما إستنتجته في ورقة أعددتها في الخصوص صدرت في ذلك الوقت عن إدارة الإعلام الخارجي واحسبها لاقت إستحسان وإعجاب كل من قرأها في حينها. كان البراح متاحاً في الإدارة ومشجعاً على الخوض في الأحداث والوقائع السياسيَة التي نعايشها في تلك الفترة والمجال مفتوح لمن شاء أن يتناول مايحدث في ورقة بحثية مختصرة تنتهي إلى نتائج أو توقعات كاتبها بما قد يفيد قارئها ، هل كان يستفاد من ذلك ؟ لا أعلم ! الذي أعلمه وأعرفه أننا كُنَا – المنشغلين بمهنة الكتابة – نتسابق على إعداد مثل هذه الوريقات ونسعد بتقديمها لرؤسائنا ويغمرنا الفرح لكل مانناله جرائها من ثناء وإطراء وبهذا نكتفي ! لكنني –وغيري من الزملاء-كُنَا سنسعد أكثر إذا ماتمت الإستفادة مما أعددنا من ورقات في إتخاذ موقف ما أو التمهيد لفعل على نحو ما ، وكم نسعد أكثر فأكثر لو كانت تلك الوريقات لازالت محفوظة في إرشيف الإدارة لم تتلف أو تضيع كما ضاع الكثير غيرها من الوثائق والمستندات !!    

كما أسلفت ، كان إنتقالي لوزارة الخارجية هدفه السفر إلى الخارج (ففي السفر سبع فوائد كما يقولون ، وإن كنت لا اطمع في إغتنامها كلها)  وهذا ماسعيت إليه رغم أن العمل في وزارة الخارجية يكفل لموظفيها فرصة العمل خارج الوطن وفق آليات وشروط وضوابط موضوعة ودقيقة عادة لاتُخترق إلَا في الحالات الإستثنائية التي تقتضيها المصلحة العامة أو تفرضها تعليمات نافذة . لم اطق صبراً وبدأت أُلح على قريبي المقرَب من دائرة صنع القرار (وهو واسطتي الوحيدة بعد الله طبعاً) في أن يسعى لإستصدار قرار إيفادي للعمل في الخارج وكان من جهته يمنحني الأمل لطفاً منه وإن كان في قرارة نفسه يرفض هذا المبدأ أصلاً لتعارضه مع مايؤمن به ويسير على منواله .

في الأثناء كان قراراً بإيفاد مجموعة من الموظفين للعمل في بعض السفارات في الخارج على طاولة الكاتب العام للتوقيع عليه وإعتماده  وكنت ضمن قائمة الأسماء وهذا ماتسرَب إلى مسامعنا فيما بعد ، إذن فقد قْرُب تحقيق الهدف ولكن الصبر لايلتقي مع جموح الشباب وفورة حماسهم ورعونة تصرفاتهم وهو ما دفعني إلى طلب العون من معارف للأستاذ ” أبوزيد ” وأصدقاء له حتى يُعجَل بالتوقيع على القرار ، غير أن الواسطة جاءت بعكس مانرجو فقد فات من سعى لمساعدتي أن الأستاذ ” أبوزيد دوردة ” لايسمح لأحد أن يتدخل في عمله ولايقبل واسطة في ذلك وكان يمكن لهذا التدخل أن ينهي علاقتي الوظيفيَة بوزارة الخارجيَة لولا أن أستاذنا لازال يحتفظلي ببعض الود وفي طبعه بعض الحنان فأرجأ إصدار القرار –عقاباً- لأكثر من شهر حتى يهدأ !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى