كتاب الرائ

المصارف الليبية.. تخمة تعوزها الجدوى !!

إدريس أبوالقاسم

نبض الشارع
■ إدريس أبوالقاسم

المصارف الليبية.. تخمة تعوزها الجدوى !!

على مدى أكثر من عقد من الزمن ، باسم إنعاش الاقتصاد الوطني ، مصارف استحدثت ، وأخرى رمت عباءة المصارف المستحدثة ” الأهلية ” خلف ظهرها لتتحول إلى مصارف خاصة تحت مسميات جديدة ، دخلت إلى جانب المصارف العامة المعروفة على خط الانفتاح الاقتصادي المزمع ، ووضع العين على القطاع الخاص .
ونتيجة لحزمة من القرارات المحفزة صدرت بالخصوص، تزامن هذا الزخم مع انتعاش نسبي لسوق العمل الأهلي بدخول القطاع الخاص على خط الأنشطة الاقتصادية المتنوعة وخصوصا الصناعات الغذائية ، لكنه توقف في محطة العمل التجاري ، ولم يحاول مغادرتها إلى محطة التصنيع !!
وبالتزامن مع هذا الإيقاع المتسارع الوثيرة جرت محاولات تزويق وتلميع الأداء المصرفي في بلادنا بجملة من الخدمات المحدودة القيمة والعائد الاقتصادي، إلا أن هذه المحاولات لم تزيد عن تمويل الأثاث والسيارات ، وتركيب آلات السحب الذاتي ، والتحويلات البسيطة للأفراد ، وبعض الخدمات الأخرى التي لم تدخل في صلب الفكرة في حين بقيت الخدمات ونمط العمل المصرفي على حالهما من تواضع وروتين ممل ، ليبقى العمل المنهجي المتطور ، والمزايا الحقيقية القادرة على المنافسة وصنع الفارق كالتسهيلات المالية ، والإقراض طويل المدى ، والشراكة ، وسرعة إنجاز المعاملات المالية في خانة التمني والانتظار حتى هذه اللحظة ، بل ربما أصبح الحال أسوأ مما كان !!
وقياسا بفائض المؤسسات التعليمية والمهنية ، إضافة إلى ما يعانيه سوق العمل من تراكمات لم تفلح محاولات جهات الاختصاص الإدارية والمالية على احتوائها ، آن الأوان كي تخرج هذه المصارف من عزلتها ، ومن احتشام وسذاجة الأداء ، ومن البيروقراطية المقيتة ، لتتوجه بفاعلية مضطردة نحو فيض مهني خلاق يقدر على تشجيع الخواص الراغبين في العمل لحساب أنفسهم من خوض التجربة – بحلوها ومرها بلا تردد أو خوف – وتجاوز مرحلة الارتباط الذهني التقليدي لمخرجات التعليم بالوظيفة العامة .
إن سوق العمل في هذه المرحلة التحولية الحرجة أضحى بحاجة إلى عمل مصرفي غير تقليدي ، يبحث عن الزبون ويذهب إليه لا أن ينتظر قدومه ، يشجع على المبادرة وخوض التجربة ، لا أن يمسك السلم بالعرض لتصعيب السهل .
ولأن الإفلات من قبضة الأداء التقليدي لمصارفنا الذي استمر عقودا من الزمن ليس بالأمر الهين ، أصبحت الكرة في مرمى مصرف ليبيا المركزي ومجالس إدارات المصارف العاملة في البلاد ، فهي مطالبة بقوة عبر تحسين وتفعيل القوانين والقرارات واللوائح ، وتوحيد الجهود الموجهة للتنمية ، وتلبية استحقاقات المنافسة اللازمة لفعل النقلة الإصلاحية في كم ونوع الخدمات المصرفية التي تتناسب مع حجم المعطيات المضطردة .
ولتحقيق كل أو بعض مما نريد هناك أكثر من تجربة رائدة سجلت نجاحها في عدة دول كتجربة مصرف ” أقرامين ” البنغلاديشي ، و تجربة المصارف المصرية مع خريجي الجامعات والمعاهد الذين تحولوا إلى أصحاب أعمال ومزارعين بفعل الفرص التي أتيحت لهم ، فكسبوا هم ، وكسبت بلادهم معهم ، حين تحولت آلاف الهكتارات من أراض رملية صحراوية إلى مزارع غناء تعج خضرة ونماء وتوفر الغذاء .
ومتى توفرت النية ، الطريق ممهدة بالإمكانيات المادية الليبية الوفيرة التي تجعل المهمة أمام المصارف الليبية أسهل بكثير من تلك التي وجد مصرف ” أقرامين ” نفسه في تحد كبير معها .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى