كتاب الرائ

الكبير وعقيلة يعتقلان قليلي الحيلة!!

نبض الشارع

إدريس أبوالقاسم

في كل بلدان العالم نجد الجهات التشريعية هي التي تراقب اداء الحكومات، وتضع الفرمانات اللازمة أمام اي تجاوزات او قرارات غير صائبة.
في بلادنا حدث العكس، فالبرلمان المفترض فيه رعاية مصالح الشعب، والعمل على ترسيخ حقوق المواطنة من كافة جوانبها، هاهو ذاته لم يتوانى عن نهش لحم أفراد الشعب الذين اكثرهم من ذوي الدخل المحدود، الذي بالكاد يوفر لهم لقمة العيش بلا ديون او خصاصة.
برلماننا الموقر ذهب في الطريق الخطأ بإقرار رئيسه بصفة منفردة مقترح رئيس المصرف المركزي بفرض رسم ضريبة على مبيعات النقد الأجنبي بنسبة 27 ٪ من سعره المرتفع المرفع منذ ثلاث سنوات لذات الأسباب المطروحة الآن.
هذه الضريبة التي ستكون نتائجها بلا أدنى شك كارثية على المواطن وعلى سمعة العملة الليبية، والتي لم تلاقي القبول من معظم خبراء الاقتصاد والضالعين في الشأن الاقتصادي، نرى رئيس البرلمان مازال مصرا على الولوج أكثر عمقا في ذات النفق الذي خسف بقيمة الدينار إلى مستوى غير منطقي وغير مبرر في دولة شعبها محدود العدد وتملك ثروة نفطية هائلة.
ففي المنزلق الأول الذي تذرعوا فيه بحجة توفير السيولة النقدية وكبح جماح السوق الموازي للنقد الأجنبي، تم في العام 2018، خفض قيمة الدينار أمام الدولار بما نسبته 183٪، فأمسي سعر الدولار 3،650 دينار بدلا من 1،250 دينار، لكن الحال لم يستقر سوى عامين، ليعاد في العام 2022، تكرار ذات الاسطوانة عندما عاودت أزمة الدولار  والسيولة الظهور من جديد بخفض قيمة الدينار أمام الدولار بنسبة 33٪ تقريبا، ليمسي سعر الدولار 4،840 دينار بدلا من 3،650 دينار.
هذا الخفض الذي روج له الكثيرين حينها على أنه الحل المثالي لأزمة السيولة، والقضاء على السوق الموازي للنقد الأجنبي، ولاستقرار أسعار السلع الأساسية، وإذا بالنتائج تظهر عكس ذلك، حيث لا سيولة دائمة بالمصارف، ولا سوق موازية للدولار قد تراجعت، قابلها تضخم كبير في أسعار السلع أوصلت عدد كبير من المواطنين إلى درجة العجز عن توفير مستلزمات الغذاء الصحي لأسرهم، على الرغم من ترفيع قيمة مرتبات العاملين بالقطاع العام.
وامام كل هذه التداعيات التي اوهنت الاقتصاد الليبي، تفضل رئيس البرلمان وبكل بساطة بالاستمرار في ذات الاتجاه الخطأ ليزيد طين الدينار الليبي بلة، ويحط من قيمته مجددا ليصبح سعر الدولار 6،150 دينار، دون أدنى تفكير في انعكاسه السلبي على الأسعار وعلى الخدمات وعلى المشروعات الصغيرة والمتوسطة ذات الصبغة الصناعية تحديدا.
والسؤال لن يكون.. لماذا اتخذ هذا القرار؟ ، بل كيف يفكر الكبير وعقيلة، وإلى أين يريدان إيصال الشعب الليبي؟
وهل هذا القرار هو اقتصادي بحث، أم هو سياسي بحث، يصنف تحت بند سياسة تكسير العظام، والتي هي في نهاية المطاف عظام المواطنين بلا أدنى شك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى