تحقيقات ولقاءات

الطفولة بوجوه عديدة

نجاح مصدق

بكل الألوان

الطفولة بوجوه عديدة

نجاح مصدق

كالعادة ينهض كل صباح مرتدياً زيه المدرسي وبصحبة أحد الوالدين يتجه إلى مدرسته لتلقي العلم والتحصيل الدراسي والذي سيتاح إذا كان ذا حظ حسن ولم يقفل مدير المدرسة أبوابها في وجهه ولم تتحجج معلماته بضعف الراتب وتتغيب وهو يظل ومصاحباً لجملة من المشاعر التي ترافقه مع الأصوات المزمجرة للضربات وسقوط القذائف وعربدة الأسلحة الخفيفة والثقيلة متخوفاً ثارة وواجهاً تارة أخرى ومتجاوزاً كذباً وجبراً كل ذلك حتى ينهي يومه وهو محمل بكم من المشاعر المضطرية والمتناقضة والمشحونة بالخوف والقلق وتوقعات الموت ، ليدخل في عقله الصغير سيلاً من المعلومات المختلفة التي تلقى بلا ترتيب وسط كل هذه الأصوات والأحاسيس وكأنه مدافع ذو قدرات خارقة تجعله يتسم وهو يحاذي الموت فقط ليعيش بسلام وليتعلم ويلعب كغيره من أطفال العالم الشاسع

-2-

ينام الآخر أكثر من المعتاد في أحد مراكز إيواء النازحين يلفحه البرد رغم محاولات آمّه المتكررة لمنعه من الوصول إلى عظامه وجسده الصغير وآخر يعاني من تقطع النوم لأنه لازال يمارس على نفسه حيل التكيف الجبري من جراء كثر التنقل من بيت جده إلي بيت أحد أقارب والده إلي أحد المساكن المستأجرة غير المريحة والتي تعمرت أسقف جدرانها بالرطوبة وقشور الطلاء المهترئة والمتساقطة والتى أنعكست آثارها على قدراته فبلل فراشه مرة وانتابته نوبات بكاء مرة أخرى طغت على سلوكه تصرفات مملوءة بالكبت والغضب والعنف مع حرمانه من الدراسة لإحدى الأسباب التي باتت معروفة لدى الجميع

-3-

منظمات المجتمع المدني تحتفل بالطفولة واليونسيف تحيي اليوم العامي للطفل بعد أن حاولت تجاوز أخطائها في حق أطفال ليبيا النازحين حينما قدمت لهم معونات وحقائب بشعار المنظمة من التمييز المدل لهم عن سواهم ومناصب كثيرة يترأسها من لهم اهتمامات بالطفولة هنا وهناك كل هذا المحتفل به يموت في بلادي كل يوم ويتعرض للنزوح يومياً ويضطر للجوء في أكثر من مرة ويعاني صعوبة في التعليم وتنتابه صحياً نوبات خوف وهلع من الحروب كل هذا وأطفال ليبيا لأكثر من تسع سنوات لازالوا يبحثون عن أماكن يلعبون فيها بعيداً عن القذائف والصواريخ يولدون ينشؤن وجملة من حقوقهم ظلت على صفحات الأوراق ذات الديباجة الجميلة وفي مجلدات المنظمات الدولية أو فوق أرفف المسؤولين دون الحصول على حق واحد مكتسب بلا غبن ولا إجحاف .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى