كتاب الرائ

الثورة مثلها مثل الرواية ، أصعب جزء فيها كيفية إنهاؤها

كــــــــــاتب وكتــــــــــاب (2) ■ عبدالله مونى

كــــــــــاتب وكتــــــــــاب

(2)

■ عبدالله مونى

الثورة مثلها مثل الرواية ، أصعب جزء فيها كيفية إنهاؤها

نستهدف هذا الأسبوع في سلسلة كاتب وكتاب، أحد الكتب المهمة الذي يأتي في مقدمة الكتب التي أسست لعلم اجتماع الثورة، وهذا الكتاب ( تشريح الثورة) أشهر كتب المؤرخ الأمريكي الأكاديمي كرين برنتن يأتي في مقدمة المحاولات الرئيسة في تأسيس هذا العلم (علم اجتماع الثورة) وقد لقي اهتماماً كبيراً وواسعاً لدى الباحثين الغربيين، باعتبار أن الثورة هي من أهم وسائل التغيير في المجتمع . حاول برنتن من خلال تتبعه لأحداث ثورات كبرى حدثت في التاريخ المعاصر تأطير النمط الذي اتبعته معظم الثورات، لم يتحدث عن أيدولوجيات الثورة، لم ينظر لها أو يشير إلى كيفية صناعتها، إنما قام بتشريحها وتفصيصها. ونحن إذ نتعرض لهذا الكتاب بالتلخيص إنما نحاول لفت النظر إليه لأهمية محتواه، إذ يعتبر وثيقة تاريخية أرخت لثورات مهمة في تاريخ العالم . هذا الكتاب قام بترجمته سمير عبدالرحيم الحلبي حاصل على بكالوريوس في اللغة الإنجليزية والأدب الإنجليزي يمارس الترجمة منذ 50 عاماً. نشر الكتاب سنة 1938 وأعيد طبعه سنة 1956 وقام مؤلفه بتنقيحه سنة 1964. ضم تسع فصول و385 صفحة، وهو عبارة عن دراسة تحليلية لأربع ثورات كبرى، حاول مؤلفه من خلال تتبعه لأحداثها الرئيسة وضع مسار ومنهجية للمراحل التي مرت بها، وبدأ ذلك بتحليل سلوك وميول مجتمع يسبق ثورة، الذي رأى أنه يجمع بين التوترات الاجتماعية والسياسية والتدهور والانحدار لقيم المجتمع مما أدى لتسعر نار الثورة، بسبب تململ الشعب وازدياد شكواه، ومن أعراض هذا التسعر إنهيار هياكل السلطة فتحدث إنقلابات متكررة تتوج إحداها بالنجاح في إسقاط الحكومة، ليتولى المتطرفون مقاليد السلطة . وفكرة المؤلف عن الثوره إنها (جدول من الأحداث من المفترض أنها تحدث) وقد حدد المراحل التي تمر بها الثورة وحصرها في خمس مراحل وخلص إلى أن الثورات الأربع (الإنجليزية والفرنسية والأمريكية والروسية) قد انتهت بنهاية مثيرة وهي إنشاء دكتاتوريات جديدة .
المرحلة الأولى: (إنهيار النظام القديم)
تتمثل هذه المرحلة انهيار النظام القديم في تنامي مشاعر السخط لدى الجماهير وعدم الرضى عن الأداء الحكومي، الذي أفقد الجماهير الثقة بها بسبب رفع سقف معانتهم بتصعيد الضرائب وانعدام مردودها بتفديم خدمات بالمقابل، فيبادر المفكرون بطرح رؤى إصلاحية ضد ممارسات الحكومة فينشأ بذلك وعي الجماهير بضرورة الثورة .
المرحلة التانية: (بداية الثورة)
تتمتل في تشكل الخلايا التي تستهدف قلب النظام وزيادة التمرد الشعبي وتصاعد الاحتجاجات مما تضطر الحكومة لمواجهتها بالعنف باستخدام قوات الأمن التي في الغالب تنحاز للشعب وتنضم للثورة فتسرع سقوط النظام ويتم الاستلاء على السلطة.
المرحلة الثالثة: (تولى المعتدلين السلطة)
يتولى القيادة المعتدلون الذين عارضوا النظام القديم فيشرعون في إجراء إصلاحات معتدلة ولكن غير جذرية وغير كافية لتعويض الثوار المتشددين الذين يطالبون باتخاد إجراءات أقوى تضاهي قوة ثورتهم .
المرحلة الرابعة : (تولى المتشددين السلطة
يستولي المتشددون الأكثر تنظيما وصرامة على السلطة ويقومون بقيادة الثورة حيت يتم التخلص من بقايا النظام السابق، ويفرضون على الشعب طاعة نظامهم الجديد، للدرجة التي يتم معاقبة المخطئون حتى وأن كانوا من رفاقهم الثوار الذين خرجوا عن خط ثورتهم، فيتم ملاحقتهم وتصفيتهم جسديا، ومن أبرز سمات هذه المرحلة الإرهاب والرعب وانعدام الأمن.
المرحلة الخامسة: (نهاية فترة حكم الرعب)
عندما يصل الشعب درجة من الإنهاك بسبب جنون الحالة الثورية يتوق الجميع إلى الاستقرار واستعادة الأمن المفقود وإعادة النظر في كيفية تسيير عجلة الاقتصاد بشكل أفضل، في هذه المرحلة غالبا ما يستولي دكتاتور يشبه طغاة النظام السابق على السلطة لإستعادة النظام وفرض الأمن فيلتف حوله معطم الناس ويؤيدونه .
في نهاية الكتاب يستنتج برنتن أن معظم الثورات تنتهي بالعودة إلى حيث بدأت، فتنشأ بعض الأفكار الجديدة ويتحول هيكل القوة قليلا وتطبق بعض الاصلاحات ويمحى اسوأ ما في النظام القديم، الا ان الوضع القائم يصبح مشابها للوضع في الفترة ما قبل الثورة، وتشرع الطبقة الحاكمة مرة أخرى بمسك زمام القوة … كتاب متعب إلا أنه يستحق عناء مطالعته لفهم ما حدث وما يحدث .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى