كتاب الرائ

الأمثال التي سقطت عمدًا – متون .. وهوامش

الهادي الورفلي

متون .. وهوامش

■ الهادي الورفلي

الأمثال التي سقطت عمدًا

الأمثال والحكم خلاصة ، وعصارة تجربة طويلة ، وعميقة عاشها أجدادنا على امتداد زمن طويل ، وقد أرادوا بها حفظ ، ونقل تلك التجربة إلينا نحن الذين لم نعد نمتلك القدرة على الاستمرار في استخلاص عصارة جهدنا ، وخبرتنا في الحياة ، وأهملنا فن صياغتها في حكمة أو مثل يبقى حياً في ذاكرة الأجيال اللاحقة كما نفعل نحن الآن حين نكرر حكم وأمثال أجدادنا .
آلاف الأمثال الشعبية ، ومثلها آلاف الحكم التي ورثناها من ضمن ما ورثنا ممن سبقونا مازلنا نستشهد بها في أحاديثنا الكثيرة دون أن ينتبه أحدنا إلى أننا وفي حياتنا المعاصرة المزدحمة بملايين التجارب والخبرات لم نعد ننتج مثل تلك الأمثال ، والحكم ، ولم نجدد ، ونطور هذا الجانب من حياتنا الثقافية حتى أن حياتنا المعاصرة تخلو تقريباً من أية أمثال أو حكم معاصرة من إنتاجنا نحن المعاصرون لها ..
السؤال الآن هو : لماذا لم نبدع أمثالنا الجديدة ..؟ أم أن أمثال وحكم أجدادنا لم تترك كبيرة ، ولا صغيرة إلا وصاغت لها مثلاً .. وتركت فيها حكمة ؟ أم هو عجزنا نحن المعاصرون على أن نفعل ذلك ؟
هل يعقل أن أجدادنا صاغوا أمثالاً ، وحكماً من عصرهم صالحة للحياة في أي عصر ؟..
إن «مثلاً»، «مثل» على قدر غطاك مد رجليك « سيبقى صالحاً أبداً مهما تغيرت ، وتطورت الحياة والثقافات وهو ما جعلنا نكتفي به دون أن نفكر في وضع بديل له ..
إن الأمثال ، والحكم هي ركن من أركان الأدب وهي أقرب إلى ما عرف بأدب «التوقيعات» من مثل «أسلم تسلم..» غير أن الأمثال لانعرف في الغالب قائلوها فأكثرها مجهولة النسب .. أو القائل .. ، وينسبها البعض إلى المأثور الجماعي الذي هو ملك للناس أجمعين ..
هل لنا أن نتصور أمثالاً من حياتنا المعاصرة المليئة بالتطورات المذهلة التقنية منها ، والعلمية ، والاجتماعية والثقافية وغيرها ، والتي ألغى بعضها الحاجة إلى وجود الأمثال الحافظة لجوانب مختلفة من حياة أجدادنا الغابرة، وهل الأمثال الشعبية والحكم أضحت في ظل هذه التطورات العلمية المذهلة وما أنتجته من تقنيات حديثة مجرد موروث أصبح يتلاشى تدريجياً من حياة أجيال صار كل شيء في حياتها خاضعاً للتقنيات الرقمية الدقيقة التسجيل ، والحفظ ، والاستعادة .. و» من يتفكر الزميطة نهار العيد ؟»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى