كتاب الرائ

أين نحن .. أين أنتم ?!

■ أحمد سدّوح

أين نحن .. أين أنتم ?!

■ أحمد سدّوح

بعد أكثر من نصف قرن من تصدير النفط في بلادنا .. سمحت لنا بعض الظروف بالتفاتة موجزة .. تكشف لنا حقائق كثيرة مذهلة ومرعبة ومؤسفة .. لم نجد شيئاً من عوائد النفط .. وبلادنا عضو في الأوبك .. وأسعار النفط تجاوزت في بعض الفترات المائة دولار للبرميل وسكان ليبيا بالكامل بفضل تحويل برنامج توزيع الثروة إلى التنفيذ .. لم يكن يتجاوز الملايين الخمسة ..
أين هي المشروعات العملاقة والطموحة وشعارات المجتمع الحر السعيد والرخاء والرفاهية .
مدننا تخلو من طابع المدنية .. وتخلو من المقومات الأساسية للمدينة أين هي مشروعات البنى التحتية .. والمشروعات الإنتاجية والاقتصادية والاستثمارية?..
وتلحظ أحياناً مستودعات حزينة خاوية معظم أضلاعها مكسرة .. وجدت فيها القطط الضالة مأوى .. لم أقل الكلاب الضالة !!
يقولون لك إنها كانت مصانع .. ومنتجة .. تعيل أسراً في أهون عوائدها .. وتعترضك لافتات صدئة (لا تعرف الحياء) تقرأ فيها ” مشروعات ضخمة لصالح الشعب ” أي أن هذه المشروعات ضد الحكومة لأن الحكومة ليست من الشعب !! .. وتبحث عن هذه المشروعات فلا تجدها حتى في المعاجم اللغوية .. وتسأل عن مخصصاتها المالية .. عفوًا لا الضحك بطرح مثل هذا السؤال والنصيحة من الدين !! 10 ملليمترات من الأمطار كافية لفضح كل مشروعات الصرف الصحي والذي هو في الأساس ليس صحيًا .. والناس يطلبون المطر ويصلُون للاستسقاء .. وأحسب أن الأفضل أن يطلبوا حبس المطر لأن بيوتهم التي تنخفض عن المنسوب العام ستغرق .. أليست السلامة أولى? !!
والطرق .. أين هي الطرق ? مسالك رملية تبقر المدن وبالكاد تدك بالطين فتتحول الحركة فيها إلى غمائم ملوثة أشبه بالضباب .. بلاد الزفت والقطران .. كانوا يتندرون في كل مكان برخص الزفت في بلادنا .. وهناك تلميح بعيد وخفي يعطي معاني أن ليبيا هي بلاد الزفت .. وليتهم استفادوا منه … طرق بلادنا لا تزال أشبه بطرق القوافل أو هي تشير مع مساراتها وطبيعتها بلا اختلاف ..
صحيح إن هناك مئات العطاءات .. واللوحات الإشهارية لا تزال قائمة وكأنها نصب للتشهير بحجم السرقات .. لأن هذه الطرق لم يتجاوز الإنجاز فيها مرحلة المسح .. أما المخصصات المالية فتعدت مرحلة الاستلام !!
الكهرباء .. أوووف !!.. والمحروقات هل يعقل في بلد منتج بل من أكبر المنتجين للمحروقات أن يستمر على تصديرها خامات بأرخص الأسعار .. واستيرادها مصنعة بأضعاف أضعاف أسعار الخام .. 11% فقط هي ما تنتجه مصافيكم أيها الليبيون من احتياجاتكم ولغة الدعم .. تطفح وكأنها لعنة .. دعم المحروقات يصل إلى المليارات يستفيد منه بصورة خاصة المهربون .. وليس المواطنون نصف قرن وهذه الأبواق تصدح بالإنجازات والسعادة والرخاء ها .. هو وقت إعادة النظر أين هي ..
أين المصانع.. والمصافي .. والمزارع .. والمطارات والموانئ أين المساكن والمرافق .. و الطرق .. أين مشروع السكة .. ومترو طرابلس .. أين نحن .. أين أنتم ?.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى