كتاب الرائ

في لحظة!!

فيحاء العاقب

في لحظة!!

■ فيحاء العاقب

نكتب احيانا لا لشيء إلا لأننا نود أن نفرغ كم الطاقة السلبية التي نتشربها كلما خرجنا صباحا نستقبل وجه الشمس, فجيوش اشعتها بسهامها الساخنة, كفيلة احيانا بأن تذيب تراكمات الليل, التي تكونت نتيجة لتفكير عميق, في أحداث مختلفة اجتمعت فكونت شريطا سينمائي مكتمل الأدوات. بالمقابل نحن نقرأ لسببين اولهما ظاهر وهو التزود بمعلومات, والغوص لسبر مجهول تفنن احدهم في صياغته, والآخر باطن وهو الهروب من عالم إلى عوالم اخرى تحتوينا, فليس هناك أحن من حروف نتدثر بها في لحظة ضعف.

كلاكيت (المشهد الاول)
الساعة 7:30 صباحا, الشمس تحاول جاهدة أن تشق طريقها إلينا, وعلى الأرض طفلة متشبثة بكف والدها وهو يأخذها إلى المدرسة, غارقة في ملابس الشتاء التي ارهقت جسدها النحيف, ويتزين شعرها بأشرطة ملونة, وعلى ظهرها حقيبة ثقيلة جعلته اشبه بقوس الحب الذي رسمناه صغارا على كراسة الرسم يتوسطه سهم مذيل بقلب, ولكنها رغم ذلك سعيدة بلقاء مرتقب مع صديقاتها اللاتي سيقاسمنها ساندويتش (التونة بالهريسه).

كلاكيت (المشهد الثاني)
الأب يمسك بيد ابنته وفي دهاليز عقله يفكر, ويسافر بين ممرات الوقت ليراها قد كبُرت وبدلا عن الأشرطة الملونة ترتدي ثوب التخرج, وترتسم ملامح الفرح على وجهها وقد احرزت اعلى الدرجات العلمية, فيغمض عينيه ويستنشق بعمق ثم يستنثر ويبتسم, ويردد هامسا احبك وهنيئا لي بصغيرتي التي كبرت.

كلاكيت (المشهد الثالث)
في الجانب الآخر من الطريق شاب متهور يقود السيارة بجنون, يعكر على الصباح صفو سكونه, ويخُفض اصوات الاطفال التي تأتي وكأنها همهمات من وراء شبابيك البيوت النصف نائمة, يزعج حبات التراب التي اتخذت من حاشية الطريق مسكنا, وينحت بدواليب سيارته اثرا يخبّر عنه حتى بعد حين, ودون سابق انذار يرتطم بحافة الرصيف, فيستيقظ الاب من حلمه ويحتضن بحب ابنته التي اخافها الصوت, ويبتسم مرددا الحمد لله, اما الشاب ……

كلاكيت (المشهد الرابع)
رجل كبير يحمل كيسا به خبز, يلتفت بلا مبالاة الى مصدر الصوت, ويقسم جزء من الخبز الساخن, ويتناوله بتلذذ رافعا حاجبيه فتظهر خطوط السنين على محياه, ويبتسم مرددا «صبح يافتاح»

كلاكيت (المشهد الخامس)
تتسلل رائحة الخبز من المخبز عبر الشرفة, ولا احد يستشعر الإغواء الذي تمارسه لتلفت انتباه اهل البيت, الأم مشغولة على ابنها الذي خرج ليلا ولم يأتي حتى بزوغ الشمس, والقلق يسيطر على قلبها الذي ينتفض بعنف مع كل نبضة, الأب يجلس في زاوية الغرفة ويرقب حركتها المستمرة دون توقف كمن يشاهد مباراة لكرة التنس, حتى اصيب بالدوار, فآثر الانشغال بإيقاد سجارته ونفث دخانها من انفه وفمه وتابعه بعينيه الى أن تلاشى, وفي لحظة سمعا صوت مكابح السيارة فصرخت الأم «ولدي» .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى