كتاب الرائ

سياسة الاستهلاك تسد منافذ التنمية ؟!

إعداد : إدريس بلقاسم

نبض الشارع

سياسة الاستهلاك تسد منافذ التنمية ؟!

إعداد : إدريس بلقاسم

جلود الأضاحي المطوحة بالآلاف جانبي الطرقات العامة ، وبمكبات القمامة ، والتي يتكرر مشهدها كل عام ، تذكرني بحقبة ستينيات القرن الماضي ، حين كانت جلود الأضاحي ، وبذور الخروع ، ونبات الحلفاء سلعا رائجة قابلة للتصدير تشكل موردا لابأس به من العملة الصعبة .

وقتها كان اليهود الليبيين يجهزون الجلود في معامل خاصة للدباغة والتجهيز المبدئي ،على الرغم من محدودية كمياتها قياسا بما يتوفر منها في الوقت الراهن ، ، ومن تم يقومون بتصديرها للخارج ، و يوردون بثمنها السلع الأساسية والملابس والأحذية وغيرها من احتياجات السوق المحلي ، هذا إلى جانب فرص العمل التي كانت تتاح بهذه المعامل .

حكاية الجلود وبذور الخروع ونبات الحلفاء ، ليست هي الغاية في الوقت الراهن ، على الرغم من كونها مازالت تمثل فرصا جيدة للاستثمار . انما هي مجرد التفاتة لواقع سيطرت على نسقه آفة الاستهلاك المفرض ، حتى بتنا نعتمد على الاستيراد لأبسط الأشياء ، ذلك لأن صناع القرار لم يوفروا الأرض الخصبة والمناخ الملائم لدفع رأس المال الوطني للصناعة التحويلية والشاملة ، في حين يتم الدفع بقوة نحو تشجيع الاستيراد لكل شيء بحجة ضمان الوفرة السلعية بالسوق المحلي !!

هذه السياسات فتحت شهية كل من هب ودب من مالكي المال ليصنف نفسه تحت مسمى رجل أعمال ، وهو منها براء إلى التجارة السهلة التي يحسبوا  لها ألف حساب ، ليس لكي لا يخسروا ، بل ليجنوا أكبر قدر من الأرباح على حساب ذوي الحاجة الذين تجبرهم الظروف على شراء سلعهم ، في حين يتجاهلون دورهم وواجبهم  في التنمية عبر تدوير جزء من أموالهم في الصناعة والزراعة .

ومادامت هذه السياسات تتجاهل استحقاقات التنمية الاقتصادية ، سيستمر مسلسل الدولة الحاضنة الملزمة بتوفير الوظائف العامة لمخرجات التعليم بكافة تخصصاتها ، حيث لا سبيل مطمئن تتجه إليه هذه المخرجات ، وسيستمر الهدر ليس فقط في مئات الآلاف من جلود الأضاحي التي ترمى كل عام بمكبات القمامة على الرغم من قيمتها الاقتصادية ، وعلى الرغم من القدر الكبير من الطلب عليها عالميا ، بل في إمكانات البلاد الاقتصادية بكافة مستوياتها وقيمها المادية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى