كتاب الرائ

رمضان كريم –

فيحاء العاقب -

رمضان كريم –

فيحاء العاقب –

اقترب شهر رمضان، وبالمقابل عادت فكرة التسابق للتجهيزات على كل الأصعدة، هذه العادة التي صارت مقترنة بهذا الموسم، بل صارت من الأساسيات، بعد ان تحول من شهر للعبادة إلى شهر للأكل والمباهاة بالأواني الفاخرة التي يدفع فيها المواطن دم قلبه من الأموال الطائلة. كلاكيت.. المشهد الأول في محل بيع المواد المنزلية ازدحام شديد وإعداد مهولة من النساء تدخل افواجا وجماعات، محملة بالأموال -رغم قلة السيولة- لشراء كل ما تقع عليه العين من فوانيس وأجهزة كهربائية تساعد في في عملية الطبخ ، وتقلل الوقت وتذلل الجهد لربة البيت التي ستدخل المطبخ منذ بداية اليوم لتخرج في نهايته، وقد أعدت ما لذ وطاب من الأصناف التي تشتهيها النفس، لتأكل منها الأسرة القليل، وتلتهم القمامة الكثير. كلاكيت..

المشهد الثاني إمرأة في منتصف الأربعينات تستيقظ في ساعات الصباح الأولى تمضي صوب المصرف، لتعود بمبلغ من المال، لطالما انتظرته، فقد قامت في وقت سابق بتجهييز قائمة طويلة من الطلبات والنواقص، لإستقبال الشهر الكريم، ولكن للأسف دخلت ضمن الجموع للمحل لشراء (طنجرة شربة) وخرجت خالية الوفاض بعد أن أفرغت حقيبتها في اشياء (لاتسمن ولا تغني من جوع). كلاكيت..

المشهد الثالث طابور طويل في احدى متاجر بيع اللحوم يمتد من الباب وينعطف حتى لا تكاد ترى اخره، لرجال من مختلف الفئات العمرية، قدموا من كل حدب وصوب بعد سماعهم لبيع اللحوم بتخفيض حوالي 5‎%‎. أُشرعت ابواب المحل عند الساعة العاشرة صباحا، وقد سبق توافد المشترين هذا التوقيت بــ3 ساعات، واستمر وقوفهم حتى المساء تحت ظل السماء وترافقهم الشمس طوال الوقت. وبعد انتهاء المهة واثناء العودة الى البيت اشترى احدهم دواء الضغط بعد ان ارتفع ضغطه من الحرارة وعلبة بنادول، ليجد ان فرق التخفيض قد دفعه ثمنا للدواء. كلاكيت ..

مشهد 4 عائلة اتجهت الى السوبر ماركت، واشترت مخزون يكفي لعام كامل وليس شهر فقط، ودفعت مبلغ مهول، حتى يتثنى لأفرادها الجلوس امام التلفاز طوال الشهر الفضيل، ومشاهدة عشرات المسلسلات والبرامج التي ستطرح على الشاشات المختلفة، وتتجنب التعب والتلظي بحرارة الشمس والاختلاط مع البشر ، وتفريغ شحنات التشنجات الناتجة عن العصبية بسبب عدم شرب المنبهات المختلفة. ويحدث ما ليس في الحسبان(يهرب الضي) فيفسد كل ما تم تخزينه في (الفريز).

مشهد 5 في احد المنازل رجل وزوجته يفكران بالتبضع والشراء، احضرت الزوجة قلما وورقة، وكتبا عددا من المتطلبات، وعندما طالت القائمة تذكر الزوج قوله تعالى في سورة الأعراف {…..إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}، وتذكرت الزوجه قوله تعالى في سورة الإسراء {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ…}. فمزقت الورقة وقالت رمضان كريم. نعم بكل تأكيد رمضان كريم يأتي بخيراته، لا يحتاج منا تجهيز مسبق وصرف للأموال وحيرة، ولا خوف من انقطاع كهرباء. فهذا شهر الاحساس بالفقراء وحياتهم والتدريب على الصبر والمشقة، فلماذا قمنا بتحويله الى مشروع اقتصادي فاشل يتم فيه تكديس البضائع غير معروفة المصير، والمهددة بالتلف، وتحويله ايضا إلى معرض للأواني والادوات الكهربائية والزينة باهظة الثمن، فلنتفكر ونتدبر في أمورنا قبل الغرق في بحر الاسراف والتبذير دون وعي.

 

فيحاء العاقب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى