كتاب الرائ

جوانب إنسانية ثاني ! –

عصام فطيس -

بإختصار

عصام فطيس

جوانب إنسانية ثاني !

عكست اجواء شهر رمضان المبارك أعاده الله علينا جميعا  بأحسن الحال والأحوال مواقف إنسانية رغم  استمرار معارك الكر والفر على تخوم طرابلس وسقوط قتلي ليبيين من الاطراف المتحاربة ، واذا كانت كل الحروب لا تفرز الا واقعا مأساويا متمثلا في موت ودمار ، الا ان الحرب الليبية كشفت عن جوانب إنسانية تشعرك رغم بشاعة ما يحدث يوميا ان إرادة الحياة ستنتصر يوما ما لانها اقوي من صناعة الموت .

لا زلت اؤمن بأننا قادرون على تجاوز ما نحن فيه الان  انطلاقا من قراءة متأنية للتاريخ ومما حدث في دول عديدة شهدت صراعات داخلية وقعها اشد قساوة من واقعنا ، والحمدلله اننا لم نصل الى نقطة اللاعودة الى يومنا هذا .

ورغم كم الموت والأرواح التي تزهق كل يوم ورغم القذائف وصواريخ الحقد والجهل التى تتساقط  في كل مكان ، لم تتوقف عجلة الحياة وتعايش الناس مع الموت لان هذه هي طبيعة الحياة ، اذكر انه و قبل  اكثر من ثلاثين عاما ونيف كنت في صيدا بالجنوب اللبناني صحبة أصدقاء في ضيافة المناضل اللبناني مصطفي معروف سعد  ( رحمه الله )زعيم التنظيم الشعبي الناصري وتعرضت صيدا  لغارة من الطيران الحربي الصهيوني أحدث دمارا في بعض المباني تفاجأت  من قيام الأهالي بمراقبة الطائرات اثناء القصف واستمرارهم في ممارسة حياتهم الاعتيادية ببرود شديد وكأن لم يكن هناك قصفا  ، في اليوم الموالي سألت احد  المرافقين عن السر وراء هذا البرود الشديد في التعاطي مع الحدث   ، فأجاب وببرود اشد (شو بدنا نعمل ؟ الحياة ما بتوقف !

فعلا لم تتوقف الحياة و واصل اللبنانيون الحياة رغم كل الصعاب .

في ليبيا التي تعاني ، أفرزت الحرب نوعيات من الشباب والشابات تؤكد ان الأحداث  الجسام التي نعيشها منذ العام 2011 لم تقض بالكامل على إنسانية البشر ، فكما هناك من يقتل ويحرق ويسرق ويدمر ، هناك من يضمد الجراح ويسعف المصابين والجرحي ، ويساعد الآلاف النازحين الذين تركوا بيوتهم مع كل اندلاع للقتال ، فرق الهلال الأحمر الليبي التي تعمل في ظل ظروف صعبة امنيا ونقص للإمكانات ، و جمعيات خيرية تعمل بعيدا عن الأضواء لتخفف من معاناة الناس في مختلف المدن الليبية شرقا وغربا وجنوبا ، حرائر ليبيات يتطوعن ويقدمن مالا وجهدا في هذا الشهر الكريم لرسم البهجة على وجوه أعياها الحزن وهدها، فرق الشركة العامة للكهرباء وهي تقوم  بإصلاح مادمرته قذائف الموت وإعادة التيار الكهربائي للمواطنين حتي لا تزداد معاناتهم ، رجال المرور وهم يعملون في حر الظهيرة وأبان ساعات الصوم والإفطار من اجل سلامتنا جميعا ، فرق الطواريء في المستشفيات التي تعمل في ظل أسوأ الظروف لإنقاذ الجرحي والمصابين ، والعديد العديد من المشاهد التي  تجعلنا نجزم ان سنوات الجمر لم تقض على جوانب إنسانية فينا ، وان مصير المدافع يوما ما ان تصمت .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى