كتاب الرائ

المريض بين مسؤولية الدولة وواجب المجتمع .

د.علي المبروك أبوقرين

المريض في حاجة للحماية من الدولة في توفير العلاج المتقدم والمأمون ، وسهل الوصول إليه والحصول عليه بعدالة وكرامة ، وبدون تأخير ولا تمييز ، ولا يرهقه وأسرته ماديًا أو نفسيا ، وحماية إقتصادية واجتماعية تحميه من الفقر والحاجة والانهيار بسبب المرض ، والمريض يمر بأثار للمرض  غير مرئية وصعبة ومؤلمة أعمق من الوجع والألم الجسدي نفسه نتيجة عوامل ذاتية ناتجة عن القلق  والخوف من المجهول ، ومن تطور المرض ، والشعور بالعجز وقلة الحيلة ، وفقدان القدرة والثقة بالنفس ، وعوامل أسرية يتحول فيها أحد أفراد العائلة إلى مرافق صحي ، وتسود البيت حالة الارتباك والتغير في الحالة العاطفية ، وتتبدل الأدوار في الرعاية بين افراد الأسرة وفي تحمل المسؤولية المعيشية ، وعوامل تخص العائلة الكبرى والأقارب والأصهار نتيجة تقليل الزيارات تدريجيا  من ثقل المسؤولية ، أو من مشاعر العجز أمام المريض ما ينعكس على المريض بالشعور بالتجاهل أو الجحود حتى لو كان السبب غير مقصود ، وتتسع العوامل لدائرة الأصدقاء والزملاء والجيران حيث تقل الدعوات والمشاركات الاجتماعية ، ويستبدل الحضور والزيارات بالرسائل الباردة والباهتة أو الغياب الكلي ، ويفقد المريض تدريجيا موقعه الطبيعي داخل شبكته الاجتماعية ، ويزيد عن ذلك العوامل الاجتماعية حيث ينظر للمريض باعتباره عبئا ، وينحسر صوته ودوره ، وتضعف فرصه في العمل والمشاركة ، ومن خلال هذه العوامل الذاتية والأسرية والصداقة والزمالة والجيرة والمجتمع يشعر المريض بغربة داخلية للإحساس بالعزلة عن ذاته والآخرين ، لأن الأسرة والاقارب والأصدقاء  يوفرون الحاضنة الأولى التي تخفف الوحدة وتدعم المريض في التعايش مع مرضه ، وتعزز ثقة المريض في نفسه ، وتقلل من المعاناة النفسية ، ففي العلاقة الاجتماعية المتماسكة ترتفع المناعة النفسية للمريض وتجعله أكثر قدرة على الصبر والالتزام بالعلاج ، والدعم العاطفي والمعنوي يخفف الإحساس بالوحدة والعزلة ويشعر المريض أنه ليس عبئا وإنما جزء من جماعة تحبه وتسانده وتقف بجانبه فيقل الإحباط واليأس ، والتكامل بين الطب والعلاقات الإنسانية يخلق علاجا أوسع وكل مريض بحاجة للاثنين ، وتظل الدولة مسؤولة عن حماية المريض وأسرته طبيا واقتصاديا واجتماعيا ، بالتغطية الصحية الشاملة واتاحة العلاج المجاني للجميع دون تمييز ، مع الإجازات المرضية المدفوعة ، والتعويضات ، والدعم المباشر للأسر ، لكي لا يترك المريض وأسرته فريسة للفقر بسبب المرض والعلاج ، لأن العلاج حق إنساني وليس منة من أحد وتكفله القوانين والدساتير والقيم والأخلاق والإنسانية ، والحق في العلاج لا يكتمل الا حين تلتقي الرعاية الطبية الكاملة بالحماية الاجتماعية التامة والدعم الإنساني العالي ، الإنسان كائن اجتماعي يتعافى داخل دائرة من العاطفة والرعاية ، والمرض بطبيعته يختبر قدرة وقوة  الأجساد ويكشف ضعف المجتمعات إن تركت أبنائها وحدهم ، فزيارة المريض علاج ، ومن يواسي مريض يزرع في قلبه شفاء لا يمنحه أي دواء ، والدعم الاجتماعي عدل ورحمة تكمل العلاج ، والمريض في حاجة إلى دولة تحميه ، ومجتمع يسانده ، وأسرة تحتويه ،

كيف تقر لنا عينا وفينا مريض يئن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى