كتاب الرائ

التمريض المظلوم وخدماته المنقوصة

د.علي المبروك ابوقوين

تطالعنا الأخبار وتصريحات بعض المسؤولين عن إن معاهد المهن الشاملة ، فتحوا باب القبول لبعض المهن التمريضية والفنية الصحية ، ولخطورة هذا التوجه وما سوف يترتب عليه من مخرجات غير مضمونة ، وتنعكس على صحة وحياة الناس، نطالب الجهات التشريعية والتنفيذية ونخص وزارات التعليم العالي والتعليم التقني والصحة أن يتخدوا ما يلزم لتصويب هذه الأوضاع، وعدم الخلط بين التخصصات لآن العلوم الصحية لها قواعدها ومناهجها التعليمية والتدريبية المختلفة، وتعتمد على التدريب السريري بالمستشفيات والمراكز الصحية، ولها معاييرها ومقاييسها الخاصة ، والتي لازالت تعاني من القصور الكبير والنقص الحاد في المعاهد الصحية المتخصصة والتي تحتاج لوقفة جادة وعاجلة جدا لتصويب أوضاعها ..
وضرورة اعادة النظر في معاهد التمريض الخاصة والمكاتب الخاصة المانحة لشهادات التمريض والفنيين الصحيين والمسعفين، تحت ستار الدورات المهنية .

فلم يعد من المقبول في هذا العصر أن يعتمد القطاع الصحي على كم هائل من المسعفات والمسعفين الذين أخدوا دورات قصيرة توعوية لربات البيوت والعامة، لا تؤهلهم للعمل بالمستشفيات والمراكز والمرافق الصحية ،( إن المسعفين في العالم هم القوى العاملة المهمة والعالية التعليم والتدريب والتأهيل، وهم المسؤولين على إنقاذ الحياة لإصابات الحوادث والكوارث، والمناط بهم بالتواجد على عين المكان متسلحين بالإمكانيات والعلوم والمعرفة والخبرة، والقيام بعمليات نقل الجرحى والمصابين، والاخلاء الطبي، وتقديم خدمات الإسعاف والطوارئ في أقسام الطوارئ بالمستشفيات، وليس كما هو موجود ألان لدينا ) وللأسف يعتمد القطاع على النسبة الأكبر من تمريض متوسط خريجي معاهد متوسطة ، تفتقد لأدنى مقومات التعليم والتدريب، وطالبات وطلبة تجاوزوا التعليم الاساسي ، ومعاهد عليا للتمريض لا تتجاوز أعدادها أصابع اليدين، تفتقد لكل الوسائل التعليمية والمناهج الحديثة وأعضاء هيئة التدريس المؤهل لتعليم وتدريس وتدريب الكوادر التمريضية ..
ولن يصلح حال القطاع الصحي ولن تتحسن الخدمات الصحية إلا إذا صلح حال التمريض وأخد حقه في التعليم الراقي والمتطور والتدريب المتكامل مهنيًا وسلوكيًا وفن التعامل والتواصل مع المرضى وذويهم في كليات تمريض ومعاهد عليا متخصصة ومعتمدة ومجهزة بمعامل المحاكاة شبيهة المستشفيات الحقيقية، والتعليم والتدريب السريري الصحيح بالمستشفيات التعليمية التي تتوفر بها كل الإمكانيات للتعليم والتدريب والتأهيل العالي والمستمر ، تحت إشراف أساتذة الكليات والمعاهد العليا للتمريض، من خلال تعاون الدولة مع المؤسسات المتقدمة في تعليم وتدريب وتاهيل التمريض في العالم ، والتمريض المتخصص والفنيين الصحيين.
كما هي الحاجة لتعديل القانون الصحي وقوانين العمل والخدمة المدنية،لوضع المواصفات الدقيقة لكل المهن التمريضية والطبية المساعدة والفنيين الصحيين، والإدارة الصحية، وكل الوظائف التي تتعلق بالخدمات الصحية والطبية المباشرة وغير المباشرة، ووضع السياسات والاستراتيجيات والخطط والبرامج الكفيلة بتحقيق متطلبات القوى العاملة الصحية بكل تخصصاتها، وضبط المعايير المطلوبة للأعداد ونسبها للسعات السريرية ولأعداد الأطباء ، وأنواع الخدمات والتخصصات، والخبرات والملاكات وفق تصنيفات المرافق الصحية على مختلف المستويات، وآليات قياس الاداء الوظيفي، وبرامج التدريب والتأهيل المستمر، والترقيات والدرجات المهنية والوظيفية، والدخول والمرتبات التي تتوافق وطبيعة الأعمال وخطورتها ومشاقها وحساسيتها، مع الوضع في الاعتبار حاجة البلاد لمضاعفة عدد التمريض والفنيين الصحيين والمهن الطبية المساعدة المؤهلة والمدربة بمعاهد عليا وكليات جامعية، ولبرامج التجسير العاجلة للرفع من قدرات وكفاءات كل القوى العاملة الصحية، واعادة النظر في كل من لاتنطبق عليه الشروط والمواصفات وكذلك كل ماله علاقة بمدارس ومعاهد وكليات التمريض والفنيين الصحيين، والمهن الطبية المساعدة، في المباني وهندستها ومحتوياتها وامكانياتها وتبعيتها ومناهجها، وسياسات وقواعد وقوانين وأليات عملها في التدريس والتدريب والتقييم بما يتماشى مع أحدث المواصفات والمتطلبات في العالم المتقدم، لضمان جودة المخرجات لقوى عاملة صحية مؤهلة ومدربة وقادرة على تنفيذ أعمالها بالطرق والأساليب الحديثة والمضمونة والآمنة، بمخزون معرفي متقدم وكفاءات عالية في تطبيق المعرفة بجودة عالية.
فالقوى العاملة الصحية هي العمود الفقري للنظام الصحي، وهي الجيوش البيضاء المتأهبة في كل الظروف وعلى مدار الوقت لمجابهة التحديات والتهديدات الصحية، وحماية المجتمعات من الأمراض المعدية والمزمنة وعلاجهم منها لتحقيق الرفاه للبلاد.
التمريض مظلوم لأنه لم يأخد حقه ولا زال في التعليم والتدريب والتأهيل، وفي تسوية أوضاعه المهنية، في مقابل دفعهم لعمل مالا يعلمون، وما لم يتعلموه ولا تدربوا عليه، وهم الثروة البشرية الحقيقية التي تحتاج الاهتمام لتكون قادرة على الاهتمام بصحة الناس، وتتكامل خدماتهم بالصورة الصحيحة المرجوة.

وتحية للرعيل الأول، رغم قلة أعدادهم كانوا لنا أطباء وتمريض وأهل، عملوا بتفاني وإخلاص وعطاء ونبل وإنسانية ورحمة ، وكان يلقب الممرض بالطبيب …
وبالتعليم والتدريب الجيد تتحقق الصحة والعافية وتنهض الأمة على أيدي الإنسانية والرحمة التي لا تباع ….
شكرًا ملائكة الرحمة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى