كتاب الرائ

أولاد الكليبتوقراط ..

بإختصار ..

عصام فطيس

لم  تكد تمض سواء ساعات قليلة على منح مجلس النواب الثقة لحكومة الوحدة الوطنية   برئاسة عبدالحميد دبيبة ، وفيما الناس ممتنة وفرحة بهذه الخطوة التاريخية التي تؤشر لإنهاء الانقسام والفوضي التي تشهدها ليبيا ، خرج علينا ديوان المحاسبة بتقريره السنوي الخاص بمتابعة حسابات ومصاريف الجهات العامة عن العام 2019 ، ليشكل هذا التقرير صدمة لكل الليبيين نتيجة لحجم الفساد الكبير الذي تم الكشف عنه ، والذي يؤشر على كم الفساد الكبير الذي تعيشه إلي أين وصلت  بلادنا التي تتعرض لنهب ممنهج و متواصل لمواردها في جميع القطاعات .

ورغم أن التقرير صادر عن العام 2019  إلا أنه تأخر عام وبضعة اشهر عن موعد صدوره ، ولا ندري الحكمة من وراء هذا التأخير ، هل لأسباب لوجستية ، ام ان رئيس الديوان لم يرد ان يدخل في مواجهة مع السلطة القائمة خاصة وانه على علم  بعلاقاتها المتشعبة مع من تورطت معهم بالفساد الذي اخذ أشكالا متعددة ، في جميع الأحوال  شكل  هذا التقرير صدمة كبيرة للرأي العام في ليبيا  صحيح أن الناس تتداول قصص الفساد والفاسدين ، ولكن عندما تضمن السرقات والنهب والتجاوزات في تقرير رسمي يصبح المصاب جلل ! لأنه بين حجم الفساد والنهب الذي إستشري في مفاصل الدولة  ، ففساد الطبقة الحاكمة والمحيطين بها أمر يعلمه القاصي والداني ، وهو ما مكن ليبيا بفضل جهود أبناءها المخلصين بأن تصبح في مقدمة  عشرة  دول  الأكثر فساداً في العالم .

 بالعودة لما جاء في التقرير نجد أن حكومة الوفاق بحكم الموقع الجغرافي كان لها النصيب الأعظم من ملاحظات الديوان   بإرتكابها تجاوزات كبيرة من خلال صرف مبالغ ومنح ومكافات  للمقربين  وتعيينات في جهاز الدولة تحت مسميات مختلفة ( مستشار للرئيس ، مصور ، سائق ، معد ارقيلة ، صديق ، ولد عم صاحب البوطي وهلم جرا ) دون اي تقيد بلوائح او قوانين مما كلف الخزانة العامة مئات الملايين ، ولم يقتصر الفساد على الوفاق  بل تعداه  إلى الحكومة المؤقتة ، فنحن إختلفنا في كل شيء واتفقنا في الفساد وكلنا في الهم شرق ، فلم يقصر  بعض وزراء المؤقتة ومسؤوليها  وقاموا بالواجب وعلى رأي شبابنا ( جلد مرد ، هات ماعندك ) فيما المواطن البسيط يعاني اشد المعاناة وعجز عن توفير قوت  يومه ، واللصوص والفاسدين لم يتوقفوا يوما عن النهب وصاروا يتفاخرون فيما بينهم بممتلكاتهم من قصور ومزارع واستراحات ويخوت  وبأرصدتهم المتوزعة مابين الداخل والخارج ، ومختلف العواصم العربية والعالمية !

وإذا كان الفساد متوقع من جميع وزارات وإدارات الدولة فإن الكارثة الكبري التي جاءت في التقرير  ما جاء في التقرير حول الهيئة العامة للاوقاف ،  التي خصص لها التقرير صفحات عن الفساد الذي إعتراها والارقام  التي ذكرت بالخصوص كبيرة ، الى درجة تشعرك انك تتعامل مع جهة لا علاقة لها بالدين ، ملايين تبخرت وسيارات اختفت وما خفي كان اعظم .

الان بعد ان صدر هذا التقرير  ورغم كل ماقيل عنه وعن ظروف إصداره يصبح من الواجب على الحكومة  الوحدة الوطنية ان تحيله لمكتب النائب العام للتحقق من الوقائع التي ذكرت ، وإتخاذ الاجراءات القانونية في حق اولاد ( الكليبتوقراط *) الدين تورطوا في هذه التجاوزات والنهب ولم يتركوا للبسطاء  في بلادنا شيئا الا المعاناة ، ولك الله يا وطني .

*الكليبتوقراط: تعريف لعالم الاجتماع السياسي الالماني ماكس فيبر   للأنظمة السياسية التي لم تنتج إلا الخراب والدمار والفوضى لشعوبها.( نظام حكم اللصوص ) .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى