كتاب الرائ

خيوط متشابكة!

عصام فطيس

بإختصار

لم تصدق جل وسائل الاعلام المحلية التصريح الذي اطلقه الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ، في مقابلة مع صحيفة لاريبوبليكا الإيطالية والذي اعرب فيه عن استعداد الحلف لدعم حكومة الوفاق الوطني بقيادة فائز السراج، وكذلك جهود الأمم المتحدة لإيجاد حل سلمي للصراع في ليبيا، لتحوله الى مادة خصبة للصفحات والمواقع مابين مؤيدة لحكومة الوفاق والآخرين المؤيدة للحكومة المؤقتة (على اعتبار ان كل شيء في ليبيا دبل ) لتنطلق حرب من نوع اخر مابين مكذب للتصريح ومؤيد له ، وكأن الامور ستحسم اليوم او غدا .
الاكيد أن التصريح سيخلط الاوراق وسيجعل الدول المتورطة في النزاع والأطراف المحلية تعيد قراءة الموقف من جديد لان ما ذكره الامين العام للحلف وان كان في العموم وغير محدد المعالم سيترك الباب مفتوحا امام جملة من الاحتمالات ، وفِي تقديرنا ان هذا التصريح يأتي بعد تداول وكالات الانباء العالمية وتقارير للامم المتحدة تنامي الدور الروسي عبر نشاط شركة فاغنر للخدمات الأمنية في الاراضي الليبية ، وهناك استشعار كبير لخطورة هذا الدور ،في منطقة جنوب المتوسط ، فيما تنظر الولايات المتحدة بعين الريبة لهذا التواجد وسبق لها ان ابدت امتعاضها منه اكثر من مرة ، ولا نستطيع ان نغفل ان روسيا لا تزال هي العدو الاول في العقيدة العسكرية للحلف الذي لن يقبل بتواجد روسي جنوب المتوسط ، ومن غير المستبعد ان يكون هذا التصريح عبارة عن رسالة لا لَبْس فيها للحد من هذا الدور وتحجيمه حتي لا يكون عامل حسم في الصراع الليبي الليبي، خاصة وان الدول الكبري متفقة على منع الحسم العسكري للصراع ، الا انها في ذاته الوقت منقسمة في التعامل مع الازمة الليبية ، اوروبيا فرنسا واليونان تدعمان قوات المشير حفتر ، فيما تركيا تدعم حكومة الوفاق ، اما الطليان فقد تركوا الباب مواربا وإن كانت هناك شائعات عن تقديم دعم لوجيستي لحكومة الوفاق المعترف بها دوليًا .
ويطرح تصريح ستولتنبرغ معضلة سوء التقدير والفهم الخاطئ للمواقف السياسية الدولية وهو من اكبر الأخطاء التي تواجه الاطراف التي وجدت نفسها تلعب ادوارا سياسية ، فالفهم الخاطئ ينتج عنه قرار خاطيء ، وفي تقديرنا ان هذا التصريح لم يأت تعبيرًا عن رؤية كل أعضاء الناتو ولكنه قد يكون رسالة لجميع الاطراف للبدء في عملية سياسية خاصة وأن الدول الفاعلة في المجتمع الدولي اجمعت على انه لا حلا عسكريا للازمة بفعل توازنات القوى الاخيرة ، وتمنحنا عبارة الامين العام للحلف والتي قال فيها أن الناتو يدعم جهود الامم المتحدة لإيجاد حل سلمي للصراعات في ليبيا (وسوريا ) مؤشرًا للعودة الى المسار السياسي بعد طرح اسم السيدة حنا تيتيه وزيرة خارجية غانا السابقة ، وممثل الامين العام للامم المتحدة لدي الاتحاد الأفريقي لتكون مبعوثا خاصا الى ليبيا .
ومع كل ما ذكر لا نتوقع نهاية قريبة لما نحن فيه فالوضع اكثر من معقد والخيوط متشابكة والاوراق موزعة على مختلف العواصم الإقليمية والدولية ، ونحن لا نملك الا ان نحصي عدد قتلانا وجرحانا وهل سقطوا نتيجة صاروخ ام قذيفة ؟ ومن الذي اطلقها وتستمر الحكاية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى