كتاب الرائ

هاشتاق

فيحاء العاقب

هاشتاق
■ فيحاء العاقب
اختلف الزمان فماعادت الحياة تسير على وتيرتها الأولى, في الماضي كان الإعتراض من قبل النخب على السياسات العامة يأتي على شكل مقال يكتب في جريدة, يقرأه مهتم فيُعجب به ويهز رأسه من باب التأكيد, اما المواطن العادي فيتنفس ويعبر عن طريق جلوسه في المقهى مع رفاقه ليتبادلواهمومهم, تطور الأمر مع تعاقب السنين, وتمرحل إلى أن صار أكثر سهولة بظهور الإنترنت وتحديدا المدونات, فالكل صار قادرا على التعبير وإبداء الرأي والاعتراض والتأييد, وبظهور الفيس وتويترإزدادت مساحة الحرية في التعبير, فعبر تلك النافذة الزرقاء المفتوحة مباشرة على الفضاء العام, والتي تسمح لكل المارة بمشاهدة ما يدور داخل عقل الكاتب, اصبح الجميع كتّاب رأي وقادرين على الإدلاء بما يدور في مكنوناتهم دون رقيب او حسيب.
فيما مضى وحتى يقوم أي حراك شعبى يحتاج الأمر لعدد من الاشخاص, يتباحثون ويتبادلون الأفكار, وان كان الخيار مظاهرة فلابد من صياغة عبارات وشعارات تتناسب والحدث بألوان مختلفة وخط أنيق وبعض الزركشات, أو أن يكون خيار أخر مناشير توزع سرا تُملأ أسطر أوراقها عبارات تعبوية وتحفيزية , وطبعا الأمر في كل الأحوال لايخلو من الخطورة .أما اليوم فها شتاق قادر على قلب الدنيا رأساً على عقب, وإحداث ثورة في بلد تصل حد الإطاحة بحكومتها, نعم كما ذكرت «الإطاحة بحكومتها», فذلك الهاشتاق تلك التدوينة هي بمثابة السهم الذي ينطلق لينغرس في خاصرة الهدف, ولا يترك له مجالا للمجابهة والمقاومة, ينقض عليه كما ينقض الصقر على فريسته, يحرك الرأي العام, ويتغلغل بين أطياف المجتمع المختلفة .
الغريب في الأمر أن مطلق السهم ربما يكون مراهقا أو شاباً أو حزباً سياسياً أو حتى دولة, على أي حال فإن التأثير واحد.
ويعتبر كريس ميسينا, علامة فارقة من علامات مواقع التواصل الاجتماعي لأنه أول من أوجد هذه الفكرة الهاشتاق.
حيث ابتدعه من أجل إنقاذ شركة «تويتر» من الإفلاس, وبذلك نجد أن تويتر هو أول موقع تواصل يُنفذ فيه هذا الاختراع الجديد.
ثم انتشر إثر ذلك إلى باقي وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى حيث بات استخدامه غالباً كما ذكر سابقا لتحريك الرأي العام أو إثارة القضايا المهمة في كل الدول.
إن المنعطف الذي أحدثته منصات التواصل الاجتماعي ولّد ثقافةً جديدة غيّرت أنماط سلوك النضال السياسي والاجتماعي, وغيّرفي الثوابت الذهنية السياسية, والبنية العمرية, حيث ظهرت فئة الشباب والتي تولت بدورها مقود القيادة, من بعد أن كان يُنظر إليها بمنظار الوصاية.
ولازالت الاختراعات تتوالى ولازلنا في استقبال المزيد ولازلنا نندهش كلما رأينا أداة جديدة تتلاعب بحياتنا وتحدث فوارق واختلافات, وتشرع لنا أبواب التعبير بأريحية أكثر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى