المنوعاتتحقيقات ولقاءات

منسوب المياه في درج في انخفاض وحجم الكارثة في ارتفاع

منسوب المياه في درج في انخفاض وحجم الكارثة في ارتفاع

مدينة الواحات العذبة والعیون الجاریة، فصارت قبلة السياحة في منطقة الجنوب الغربی وجبل نفوسه، ومن المدن صاحبة المطمع في المقصد للسياحة والاسترخاء، بما تملكه من رصيد هائل من المناظر الخلابة وأيضا من تنوع ثقافي في الموروث الشعبي لمختلف قبائل المنطقة.

مدينة درج والتي لطالما كان هذا الاسم مقترنا بالعديد من المهرجانات السياحية التي نظمتها وأيضا بمشاركة أبنائها في المعارض والمهرجانات الخارجية، كسفراء للثراث الليبي الأصيلي.

2 admin

هذه المدينة في الأونة الأخيرة تعاني من أزمة حادة في إنخفاض منسوب المياه الجوفية في المنطقة، مما أدى إلي جفاف العديد من العيون وصعوبة حفر الأبار وقوة تدفق المياه فيها.

الأستاذ أبوبكر الكرغلي هو أحد الشخصيات الثقافية في درج والمهتم بهذا الموضوع منذ فترة أبدى لصحيفة ليبيا الاخبارية قلقه الشديد من هذه الظاهرة ومدى خطورة تأثيرها على هذه المدينة، كما عبر عن دهشته من صمت المسؤوليين والجهات المعنية رغم تقديمهم لشرح كافي عن هذه الأزمة وتهديدها المباشر لسكان هذه المدينة.

بلاد النخلة لا تخلى

بدأ الكرغلي لقاءه ” كان لموقع درج المتمیز الواقع علی منحدرات اودیة الحمادة الحمراء الفضل الکبیر فی تنوع انشطتها الزراعیة والحیوانیة، ومما زاد فی تمیز موقعاً وقوعه علی مجری العدید من العیون التی تشکل شرایین الحیاة التی تغدی جسم المدینة فالمسافة بین العین والاخری لاتتجاوز الخمسین متر فی بعض المناطق ۔ویذکر اباءانا ان عدد العیون بالمدینة یصل الی101  عین، ولقد حاولت جاهدا البحث علیها وتوثیقها فلم تسعفنی الوثاٸق الموجودة ولا کبار السن الذین تواصلت معهم، علی العثور مدى صحة هذا الرقم بالتحدید”.0 admin

وأضاف الكرغلي “ولكن رغم هذا استطعت الحصول علی قرابة 50% منها، إلی جانب العیون الانسیابیة التي کانت هناك، والابار السطحیة التی لا یتعدی عمقها فی الاغلب الخمسة امتار، والتی تستخرج المیاه منها عن طریق الخطارة قبل صناعة المحرکات”.

درج سلة غذائية

وثحدث الأستاذ أبوبكر عن اهمیة درج الزراعیة قائلا “اولت منظمة الیونسکو اهتمامها بهذا الجانب، فقد زار فریق من الامم المتحدة درج فی عام1960 واعجب بالمدینة وما تتمیز به من خیرات زراعیة وخاصة انتاج الطماطم، حیث تم تسجیلها ضمن المناطق الخاضعة لبرنامج الامم المتحدة الانماٸی، وعلیه فقد قررت المنظمة انشاء مشروع لتصنیع وتعلیب الطماطم، وذلك لما يتمیز به طماطم درج من مواصفات من حیث الحجم ووفرت السواٸل به، حیث شرع فی بناء المصنع مع مطلع العام 1962 وبدأ فی الانتاح عام 1967، وفی العام 1968 زار المدینة مدیر الهیٸة العامة للتصنیع ولاحظ وفرت انتاج الثمور فقر اظافة خط جدید بالمصنع لتعبیٸة وکبس الثمور، فکان لدرج الفضل فی تغطیة اسواق جبل نفوسة بالثمور، ویتم توزیعه علی المدارس من ضمن الوجبات المدرسیة فی ذلك الوقت.1 admin

يذكر أن منسوب المياه في درج إنخفض من عشرة أمتار قبل عشر سنوات إلى قرابة المئة متر اليوم، وقد جفت خلال هذه السنوات عيون مدينة درج الاخيرة تافقت تنبزين عوينة الناس ، ولحقت بالعيون التي جفت في العقود السابقة ، كما جفت الابار السطحية التي تعد بالعشرات في درج ، وبدأ نخيل مدينة درج الذي كان يتغدى على المياه السطحية في الجفاف.

وهذا المنسوب مهدد بالنزول في السنوات القادمة إلى 300 متر وأكثر وقد يجف قرابة الالف بئر في درج مما ينذر بكارثة بيئية.

القصة من البداية

تابع ابوبكر الكرغلي سياق حذيثه عن المراحل التی مر بها الواقع الماٸی بدرج،  ” في فترة السبعینات کان أول مٶشر فی توقف ونضوب اهم العیون واکبرها، وهما عین بن علی، وعین طیط، اللتان کانتا تروی ما یقارب 70% من الاراضی المزروعة، وتبعثها بعد ذلك بقیة العیون الاخری فی درج وماجاورها، وأخر ما ودعنا قبل 4سنوات تقریبا عینا تافقت وتنبزین، ناهیك عن الابار السطحیة التی حفرها الاباء والاجداد بالمسحة والحبل والجراره أصبحت ليوم فی خبر کان.الكرغلي admin

فکان خيارنا الوحيد في عقد التسعینات اتجاهنا الی استخدام الات ضاغط الهواء ( الکمبراسوری ) لحفر الابار لعمق مابین 10 الی 15 متر، ولکن سرعان ما بداءت فی النضوب فکان لابد من الانتقال الی مرحلة اخری، وهی الحفر العمیق باستخدام الحفارات (الصوندا)، فاصبح الحفر فی البدایة لاعماق مابین 20  الی40 متر، واستمر الحال فی الحفر والتعمیق ومنسوب المیاه فی هبوط متواصل الی ان وصل الحفر الان لعمق 100 متر ومافوق، ورغم هذا فاننا نلاحظ ان اغلب هذه الابار فی تناقص مستمر اذا لم یکن البعض منها فی حکم التوقف، مما یدل علی ان مستوی هبوط المیاه السنوی یقدر من 10 إلی 15متر، ومعنی هذا ان هذه الابار قد لاتصمد لعشرة سنوات قادمة اکثر تقدیر۔هذا اذا بقی المناخ الجاف هو الساٸد علی المنطقة.

كارثة بيئية

للاسف هناك كارثة بيئية تنظرنا في حالة لم نتحرك لإستئصال جذورها، هذا ماعبر عنه الكرغلي في إجابته عن سؤال ماذا لو استمر الحال في ماهو عليه، “إن حجم المشکلة والکارثة كبير جدا، وهي تنذر بعواقب وخیمة لاقدر الله، ومن بينها هبوط مستوی الرطوبة فی الطبقة السطحیة التی تغدی غابات النخیل القدیمة المحیطة بالمدینة۔مما ادی الی جفافها وموت المٸات منها، كما أن نذرة المیاه بالمزارع القدیمة ادی الی انتقال العدید من المزارعین الی اراضی جدیدة بحثا عن میاه افضل ۔مما ساهم فی موت العدید من اشجار النخیل وانقراض بعض انواع الثمور الجیدة.5 admin

وكنتيجة الواقع المزری للمیاه اتجه العدید منا الی انشطة اقتصادیة اخری بدیلا عن الانتاج الزراعی، وأيضا الأمر يهدد غابات النخیل الخضراء التی تحتضن مدینتنا القدیمة، والتی تشکل لوحة جمالیة متناسقة.

كل هذا أدى إلى جفاف وموت العديد من غابات النخيل القديمة، واهمال الكثير من الأراضي الزراعية، وانتقال المواطن إلى اراضي جديدة، وتكبد الكثير من المعاناة من جهد وأموال سعيا للعثور على مياه افضل.

وعن الحلول قال الكرغلي ” ضرورة الاستفادة من مياه الأمطار التي تشهدها المنطقة بين الحين والآخر، ومن الملاحظ تحسن مستوي معدلاتها في السنتين الأخيرتين، وهذا يدعونا إلي إقامة سدود تعويقية بشكل أحواض ومدرجات لحجز بعض المياه أثناء جريان الأودية.او إقامة أحواض محاذية للوادي، وأيضا السعي مع الجهات ذات العلاقة لربط المنطقة بمنظومة النهر الصناعي، وحفر ابار ارتوازية عميقة على الحوض الجوفي.وتوزيعها على مواقع المزارع، وغابات النخيل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى