كتاب الرائ

مبــدأ استــقلال الـقضاء

 أ.هند عبدالكريم القرقني

مبــدأ استــقلال الـقضاء

 أ.هند عبدالكريم القرقني

يقصد باستقلال القضاء، عدم جواز التدخل والتأثير من قبل الغير على ما يصدر عنه من إجراءات وقرارات وأحكام. والتدخل والتأثير أمر مرفوض سواءً كان مادياً أو معنوياً وسواء تم بكيفية مباشرة أو غير مباشرة، وبأية وسيلة من الوسائل. ويعدُ مبدأ استقلال القضاء من المبادئ المهمة والحيوية في الدولة والمجتمع فالدليل على هذه الأهمية هو إن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والقواعد الدولية الأخرى، وكذلك الدساتير الوطنية التي نصت عليه وعلى حصانة القاضي الدستورية والقانونية ، أن استقلال القضاء وحصانته ضمانتان أساسيتان لحماية الحقوق والحريات‏,‏ وأن السلطة القضائية مستقلة‏ وتتولاها المحاكم علي اختلاف أنواعها ودرجاتها‏,‏ وتصدر أحكامها وفق القانون‏,‏ وأن القضاة مستقلون‏,‏ لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون‏,‏ ولا يجوز لأية سلطة التدخل في القضايا أو في شئون العدالة‏.‏ ومفاد ذلك أن استقلال القضاء ركن أساسي في مبدأ الشرعية بوجه عام وضمان لسيادة القانون واستقلال القضاء يعني تحرر سلطته من أي تدخل من جانب السلطتين التشريعية والتنفيذية‏,‏ وعدم خضوع القضاة لغير القانون‏.‏ كما أن قضاء المحكمة العليا قد أستقر علي أن السلطة القضائية هي سلطة أصيلة تقف علي قدم المساواة مع السلطتين التشريعية والتنفيذية‏,‏ وتستمد وجودها وكيانها من الدستور ذاته لا من التشريع‏ ولتكون السلطة القضائية مستقلة حقيقة لابد من وجود ركيزتين أساسيتين هما أولاً : أن القضاة هم وحدهم دون غيرهم الذين يستقلون بتطبيق القانون علي المنازعات والدعاوى بين الأفراد وبعضهم، أو بين الأفراد وأجهزة السلطة. وأنهم دون غيرهم هم الذين يقضون بتجريم أفعال معينة – وفقا للقوانين الجنائية – ويحكمون بعقوبات معينة تطبيقا لتلك القوانين، ولا يجوز لجهة في الدولة أيا كانت أن تتداخل في أعمال القضاة أو أن تطلب تطبيقا معينا لنص معين أو أن تفرض حكما معينا في قضية معينة ، ثانياًً : لا شك انه مما يؤكد استقلال القضاة ويجعلهم يؤدون أعمالهم علي النحو المبتغي أن يكون أمر القضاء كله بيد القضاة، فإذا كان تعيين القضاة يتم وفقا لإجراءات معينة يراعي فيها قدر من التدقيق الواجب، فإنه ومن ناحية أخرى أكثر أهمية فان تأديب القضاة ونقلهم وعزلهم يجب أن تستقل به الجهة القضائية وحدها وأن يعطي القاضي أوسع الضمانات للدفاع عن نفسه، ومن المبادئ التي توشك أن تكون مستقرة في غالبية دساتير الدولة الحديثة عدم قابلية القضاة للعزل إلا في أحوال محددة ووفقا لإجراءات معينة يرسمها القانون بوضوح ، فالهدف من استقلال القضاء ومن حماية هذا الاستقلال هو تحقيق العدالة التي لا يمكن أن تتحقق في غياب أحد مقوماتها الأساسية وهو استقلال القضاة وحماية هذا الاستقلال من أي تدخل وتأثير.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى