كتاب الرائ

رمضان وصوره الاجتماعية

الهادي الورفلي

رمضان وصوره الاجتماعية

الهادي الورفلي

صوم رمضان كحالة روحانية أراد بها الله أن يهذب النفس البشرية ، وأن يجعلها إمارة بالخير كما هي أّّمارة بالسوء هو أيضاً حالة اجتماعية بمقاصدة الكبرى التى أراد الله من خلالها أن يكون المجتمع الإسلامي متضامن ، متكافل ، ومتعاون على البر والتقوى .. فالصوم غايته تذكير الصائم بما نسييه من واجبات عليه تجاه الآخرين من المحتاجين ، ليس فقط في هذا الشهر بل في كل الشهور ، فالمحتاج  لا يأكل ويشرب ويلبس فقط في شهر رمضان بل في كل حياته .. ، وهكذا فإن ما نراه من مظاهر تصدق ، وإحسان ، وإقامة لمموائد فقط في شهر رمضان ونعود في غيره من الشهور وننسى الفقراء  وحاجاتهم هو عمل أشبه بالرياء الذي قد يمارسه البعض كمظهر اجتماعي يبتعد بصورة وأخرى عن جوهر الحكمة التى فرض الله من أجلها صوم رمضان ..

وفي هذا السياق ونحن نستقبل رمضان لهذا العام 2019م ،نود أن نعوض مسافة ما في هذا ” الاجتماعي ” الذي يكاد يطغي على ” الروحاني” ليحيل هذه العيادة السامية إلى مجرد عادة سنوية ، ومناسبة للتفاخر بالمآكل ، والمشارب والثياب الفاخرة ونسيان المقاصد النبيلة التى أرادها الله من صوم هذا الشهر ..

إن طغيان .. الاجتماعي على الروحاني في هذا الشهر يعود إلى سطوة وسيطرة النظرية المادية التى أحالت الإنسان إلى مجرد رقم بعد أن جردته من قيمته المعنوية المرتكزة إلى اعتبار الإنسان كائن اجتماعي مملوء بالمشاعر ، والأحاسيس والآلام  ، والأفراح والإحزان مشحون بالرضا والنقمة على نفسه وعلى الآخرين من حوله ..

لقد ألبسنا رمضان الكثير من العادات والتقاليد الاجتماعية الضارة ، وجعلنا منه مجرد تجربة غايتها أنفسنا وليس أنفس الآخرين .. فنحن نجرب الجوع في نهار رمضان لنمارس النهم في ليله حيث تحفل الموائد بما لذ وطاب حتى إذا شبعنا نسينا كل الفقراء والمساكين والجوعى والمحرومين من حقهم في الحياة ..

وحين تذهب إلى لقاءاتنا وزيارتنا الاجتماعية نذهب وبطوننا متخمة بشتى صئنوف الآكل والشرب .. ولاتلهج أحاديثنا  بغير التفاخر .. والتنابر .. والسخرية من الآخرين هذا هو رمضان الذي ندعي الاحتفاء به بتكديس الغذاء والشراب .. وغيرهما هما مما تشتهي الأنفس ..

هذا هو رمضان الذي صار الكثير منا يصومه رياءاً ، وإدعاءً .. ومظهراً دون أن يكون له أثر في حياتهم وعلى نفوسهم وهو لذلك يأتي ويذهب دون أن نحس بتغير في سلوكنا وفي إيماننا  وفي نفوسنا .. يأتي رمضان ليمر مرور الكرام على غير الكرام .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى