الدينية

بيان الهيئة العامة للأوقاف بخصوص حرق المصحف الشريف في الدنمارك والسويد

الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية-دولة ليبيا

#بيان

من الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية بحكومة الوحدة الوطنية

بخصوص حرق المصحف الشريف في العاصمتين الدنماركية والسويدية

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن نبينا محمدا عبد ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد، فقد شهدت العاصمة الدنماركية اليوم الجمعة ثلاث حوادث لحرق نسخ من المصحف الشريف، وقبل يومين قام اليميني المتطرف “راسموس بالودان” بحرق نسخة من المصحف الشريف بالقرب من السفارة التركية في العاصمة السويدية، تحت حماية كبيرة من رجال الشرطة، وتناقلت وسائل الإعلام هذه الجريمة البشعة، والعمل الشنيع الذي تجاوزت شناعته كل عبارة ووصف!

وإن إهانة وحرق المصحف الشريف لمن الأدلة التي تبرهن عن حقد الكفار وعداوتهم للمسلمين، وهو أيضا من هوانهم على الله، قال الله -عز وجل-: {وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ} [الحج: 18]؛ فقد حرموا الهداية فلا يكادون يفقهون القرآن أو يشعرون بلذته ولا يقرون بعظمته، مع أنه جاء بالأخبار الصادقة، والحقائق الغائبة، والأحكام المصلحة العادلة، ويصدق فيهم قول الله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24].

إنهم يكرهون القرآن؛ لأنهم يعلمون علم اليقين أن القرآن العظيم روح الأمة الإسلامية، به حياتها وعزتها ورفعتها، وأنها بغير القرآن أمة هامدة لا حياة لها ولا وزن ولا مقدار، ولن تستطيع مواجهة قضايا العصر إلا بالقرآن العظيم والاعتصام به.

يقول الحاكم الفرنسي في الجزائر بمناسبة مرور مائة عام على احتلالها: “يجب أن نزيل القرآن العربي من وجودهم، ونقتلع اللسان العربي من ألسنتهم، حتى ننتصر عليهم”.

وقد حفظ الله القرآن من التحريف والتغيير والتبديل، كما قال سبحانه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]، ولكن لا يمتنع أن يتسلط بعض الكفار على المصحف فيهينوه ويحرقوه، ويكون ذلك من الله استدراجا لهم، كما قال تعالى: {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} [الأعراف: 183].

قال الحافظ القرطبي: “أمهلهم وأملي لهم وأستدرجهم حتى يبلغ الكتاب أجله، يعني بنصرة النبي ﷺ والمؤمنين، وهلاك أعدائهم الكافرين” [تفسير القرطبي 4/ 216]، فإهانة هؤلاء الكفرة للمصحف الشريف سيكون بإذن الله سببا لنكبتهم وقرب أجلهم، ولن يزيد المسلمين إلا إيمانا مع إيمانهم بمكانة القرآن العظيم في نفوسهم.

والواجب على جميع المسلمين حكاما وعلماء وشعوبا أن ينكروا هذا العمل الوضيع بما يستطيعون، ولا يجوز لهم السكوت عن ذلك، كما يجب عليهم تبليغ القرآن لغيرهم، ودعوتهم إليه، وإبراز محاسنه، وعرضه على العالمين؛ لمواجهة طغيان المادة، والغزو الفكري، والخلافات السياسية، فالعالم كله في حاجة إلى نور القرآن؛ لتصان كرامة الإنسان، وليكون الحق والعدل أساسا في معاملة الإنسان للإنسان.

وإن الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة ليبيا، لتستنكر هذه الجريمة، وتطالب بالتحقيق مع من قاموا بها ومعاقبتهم، كما تحث المسلمين في كل مكان على نصرة كتاب الله تعالى، وذلك بحفظ حدوده، والعمل بما فيه، وشدة الرغبة في فهمه وتدبره، وتلاوته وتعلمه وتعليمه، والاعتبار بمواعظه، والتخلق بأخلاقه، والتأدب بآدابه، وذب تحريف المبطلين عنه، باستعمال كل الطرق والوسائل المتاحة، من قنوات فضائية، وبرامج إذاعية، وصحف ومجلات وكتب، ودعم لكل مركز أو مؤسسة أو جمعية تسعى لرفع راية القرآن العظيم، وتبليغه للناس أجمعين، والنظر فيما يبذله أعداء القرآن من تفنن وتبجح في عرض كتبهم المحرفة، وعقائدهم الباطلة، وأخلاقهم الفاسدة، وقوانينهم الجائرة، في قوالب حديثة مقبولة، ووسائل فنية إعلامية.

اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى