كتاب الرائ

بكل‭ ‬الألوان ■‭ ‬نجاح‭ ‬مصدق

بكل‭ ‬الألوان
■‭ ‬نجاح‭ ‬مصدق
بعيدا‭ ‬عن‭ ‬متابعة‭ ‬السياسة‭ ‬والأحداث‭ ‬الجديدة‭ ‬وبعيداً‭ ‬عن‭ ‬نوبات‭ ‬القلق‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬لاتغادرنا‭ ‬ليل‭ ‬نهار‭ ‬عن‭ ‬مستقبل‭ ‬أولادنا‭ ‬وما‭ ‬الت‭ ‬إليه‭ ‬الظروف‭ ‬والحياة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬الجريح‭ ‬او‭ ‬سماع‭ ‬ما‭ ‬يدمي‭ ‬القلب‭ ‬عن‭ ‬اوضاع‭ ‬نازحين‭ ‬او‭ ‬فقد‭ ‬شباب‭ ‬في‭ ‬اعمار‭ ‬الزهور‭ ‬او‭ ‬انتشار‭ ‬جريمة‭ ‬وقتل‭ ‬في‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬بقعة‭ ‬من‭ ‬اراضينا‭ ‬وقريباً‭ ‬جداً‭ ‬في‭ ‬الاستسلام‭ ‬والتعاطي‭ ‬مع‭ ‬الحياة‭ ‬بكل‭ ‬مافيها‭ ‬والتعلق‭ ‬بالامل‭ ‬جبرا‭ ‬وخيارا‭ ‬محتم‭ ‬للاستمرار‭ ‬في‭ ‬لف‭ ‬عجلة‭ ‬الحياة‭ ‬والطوق‭ ‬للأفضل‭ ‬دائما،‭ ‬دعونا‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬ولنقترب‭ ‬إلى‭ ‬أوطاننا‭ ‬الأولى‭ ‬إلى‭ ‬النواة‭ ‬التي‭ ‬خرجنا‭ ‬منها‭ ‬إلى‭ ‬بيوتنا‭ ‬وأسرنا‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬نبحث‭ ‬عنه‭ ‬وما‭ ‬نفتقده‭ ‬دعونا‭ ‬نخرج‭ ‬ملابسنا‭ ‬المخبئة‭ ‬للأفراح‭ ‬والمناسبات‭ ‬والزيارات‭ ‬الرسمية‭ ‬واطقم‭ ‬الصحون‭ ‬والأكواب‭ ‬والفناجين‭ ‬المخصصة‭ ‬للضيوف‭ ‬ونستعملها‭ ‬ونلبسها‭ ‬بدل‭ ‬ان‭ ‬نخبيء‭ ‬شيء‭ ‬دعونا‭ ‬نضع‭ ‬الكمية‭ ‬التي‭ ‬نرغب‭ ‬وأن‭ ‬بالغنا‭ ‬من‭ ‬زجاجة‭ ‬العطر‭ ‬المفضل‭ ‬الذي‭ ‬نخاف‭ ‬نفاذه‭ ‬لنطعم‭ ‬أولادنا‭ ‬في‭ ‬الأطباق‭ ‬الراقية‭ ‬المخصصة‭ ‬للضيوف‭ ‬ولا‭ ‬نخف‭ ‬ان‭ ‬تنكسر‭ ‬او‭ ‬نخسرها‭ ‬لأن‭ ‬الضيوف‭ ‬قد‭ ‬لايأتون‭ ‬إلا‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬الشهر‭ ‬أو‭ ‬حسب‭ ‬المناسبات‭ ‬لكن‭ ‬أولادنا‭ ‬سيعلمون‭ ‬ان‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يستحق‭ ‬الاحتفاء‭ ‬به‭ ‬غيرهم‭ ‬وان‭ ‬لايوجد‭ ‬شيء‭ ‬يعد‭ ‬خسارة‭ ‬أن‭ ‬استعملوها‭ ‬أو‭ ‬كسروها‭.‬
سيعلمون‭ ‬ان‭ ‬تفاصيل‭ ‬حياتهم‭ ‬أجمل‭ ‬بدون‭ ‬مناسبات‭ ‬خاصة‭ ‬وسيظل‭ ‬بيتهم‭ ‬هو‭ ‬جنتهم‭ ‬ومكان‭ ‬فخرهم‭ ‬وحريتهم‭ ‬واعتزازهم‭.‬
قبلوهم‭ ‬كل‭ ‬وقت‭ ‬وأكثروا‭ ‬من‭ ‬احتضانهم‭ ‬بحب‭ ‬ومرح‭ ‬ابتسموا‭ ‬في‭ ‬وجوههم‭ ‬دائماً‭ ‬واستمعوا‭ ‬إلى‭ ‬احاديثهم‭ ‬وأن‭ ‬كانت‭ ‬ضرباً‭ ‬من‭ ‬الثرثرة‭ ‬امنحوهم‭ ‬وقتاً‭ ‬اضافياً‭ ‬وكل‭ ‬الوقت‭ ‬أمسكوا‭ ‬بأيديهم‭ ‬ورافقوهم‭ ‬في‭ ‬نزهاتهم‭ ‬وزياراتهم
شاركوهم‭ ‬اهتماماتهم‭ ‬وقراءاتهم‭ ‬وافسحوا‭ ‬لهم‭ ‬في‭ ‬قلوبكم‭ ‬المساحة‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬الانشغال‭ ‬بتأمين‭ ‬غدهم‭ ‬والخوف‭ ‬من‭ ‬المستقبل‭ ‬وهمومه‭ ‬لتكن‭ ‬أنفسكم‭ ‬وأسركم‭ ‬أولى‭ ‬اهتماماتكم‭ ‬ابتعدوا‭ ‬عن‭ ‬الخوض‭ ‬في‭ ‬تفاصيل‭ ‬الأعمال‭ ‬ومشاكل‭ ‬الوظائف‭ ‬وكثرة‭ ‬المصاريف‭ ‬انفقوا‭ ‬بحب‭ ‬ووعي‭ ‬وعلموهم‭ ‬ان‭ ‬اليد‭ ‬التي‭ ‬تعطي‭ ‬سيكافئها‭ ‬الله‭ ‬قبل‭ ‬اي‭ ‬احد‭ ‬وان‭ ‬السعادة‭ ‬خيارهم‭ ‬ان‭ ‬ارادوا‭ ‬وان‭ ‬ابسط‭ ‬الاشياء‭ ‬تصنع‭ ‬الفرح‭ ‬بالرضى‭ ‬والقناعة
احملوا‭ ‬هواتفكم‭ ‬الجوالة‭ ‬وخابروا‭ ‬من‭ ‬انقطعتم‭ ‬عن‭ ‬الاتصال‭ ‬بهم‭ ‬منذ‭ ‬مدة‭ ‬لأن‭ ‬العمر‭ ‬يمضي‭ ‬ولاضمان‭ ‬فيه‭ ‬لأحد‭ ‬اتركوا‭ ‬الجلسات‭ ‬واللقاءات‭ ‬التي‭ ‬تشعرون‭ ‬فيها‭ ‬بالانزعاج‭ ‬والمجاملة‭ ‬واطرحوا‭ ‬صور‭ ‬الذكريات‭ ‬مع‭ ‬من‭ ‬تحبون‭ ‬لعلها‭ ‬تحيي‭ ‬شعورا‭ ‬غاب‭ ‬أو‭ ‬تقرب‭ ‬احساس‭ ‬منتظر‭ ‬تمسكوا‭ ‬بإخوتكم‭ ‬واصدقائكم‭ ‬بنجوا‭ ‬انفسكم‭ ‬بالحرية‭ ‬والفرح‭ ‬اختلقوا‭ ‬مواسم‭ ‬للعطاء‭ ‬والتآلف‭ ‬عيشوا‭ ‬لانفسكم‭ ‬واولادكم‭ ‬واسركم‭ ‬لا‭ ‬للآخرين‭ ‬وقدموا‭ ‬الهدايا‭ ‬لأنفسكم‭ ‬وأولادكم‭ ‬بمناسبة‭ ‬أو‭ ‬دون‭ ‬مناسبة‭ ‬لتظل‭ ‬مقترنة‭ ‬بالحب‭ ‬وادخال‭ ‬البهجة‭ ‬لا‭ ‬بارتباطها‭ ‬بموعد‭ ‬او‭ ‬تاريخ‭ ‬او‭ ‬دين‭ ‬يرد
تأملوا‭ ‬وجوهكم‭ ‬في‭ ‬المرأة‭ ‬طويلا‭ ‬وحاكوا‭ ‬أنفسكم‭ ‬بلا‭ ‬خجل‭ ‬كثيراً‭ ‬ما‭ ‬يقال‭ ‬أمامها‭ ‬لا‭ ‬يسمعه‭ ‬غيرك‭ ‬ويكن‭ ‬ايجابياً‭ ‬أو‭ ‬منفساً‭ ‬للبوح‭ ‬احفظوا‭ ‬ملامح‭ ‬وجوه‭ ‬أولادكم‭ ‬وملامح‭ ‬من‭ ‬تحبون‭ ‬فالعمر‭ ‬أقصر‭ ‬مما‭ ‬نتخيل‭ ‬والمرض‭ ‬رسول‭ ‬مباغت‭ ‬بلا‭ ‬موعد‭ ‬والنسيان‭ ‬مقبرة‭ ‬الذكريات‭.‬
ألبسوا‭ ‬وتمتعوا‭ ‬واضحكوا‭ ‬واكثروا‭ ‬من‭ ‬التفاؤل‭ ‬ولاتحملوا‭ ‬هم‭ ‬الغد‭ ‬بحرقة‭ ‬وتحملوه‭ ‬لابنائكم‭ ‬احسنوا‭ ‬محبتهم‭ ‬واغدقوا‭ ‬عليهم‭ ‬من‭ ‬المشاركة‭ ‬ودعوهم‭ ‬يرون‭ ‬باعينهم‭ ‬ما‭ ‬تريدونهم‭ ‬ان‭ ‬يفعلونه‭ ‬ويعيشونه‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬النصح‭ ‬والتوجية‭ ‬المفتقد‭ ‬للمصداقية‭ ‬ولاتخافوا‭ ‬عليهم‭ ‬لانهم‭ ‬تشربوا‭ ‬الحب‭ ‬ووعي‭ ‬المشاركة‭ ‬وزرعت‭ ‬فيهم‭ ‬القيم‭ ‬بلا‭ ‬عناء‭ ‬بل‭ ‬بالحب‭ ‬والعفوية‭ ‬والبساطة‭ ‬افعلوا‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬قبل‭ ‬ان‭ ‬تكتشفوا‭ ‬ان‭ ‬الامس‭ ‬والبارحة‭ ‬كان‭ ‬أجمل‭.‬
استغلوا‭ ‬كل‭ ‬لحظة‭ ‬فما‭ ‬قد‭ ‬نفعله‭ ‬لأجلهم‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬يعد‭ ‬أفضل‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬الانشغال‭ ‬بهم‭ ‬المستقبل‭ ‬واقحامهم‭ ‬في‭ ‬تفاصيل‭ ‬حياتنا‭ ‬المربكة‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬الأشياء‭ ‬أبعدوهم‭ ‬عن‭ ‬قلق‭ ‬الحرب‭ ‬وأكثروا‭ ‬من‭ ‬شراء‭ ‬الكتب‭ ‬لهم‭ ‬علقوا‭ ‬لهم‭ ‬بطاقات‭ ‬دعم‭ ‬وساعدوهم‭ ‬على‭ ‬تجهيز‭ ‬وإعداد‭ ‬أرفف‭ ‬كتبهم‭ ‬وكراريس‭ ‬شخبطاتهم‭ ‬واعدوا‭ ‬لهم‭ ‬الشراب‭ ‬المفضل‭ ‬والأكل‭ ‬المخصص‭ ‬للزائرين‭ ‬واملؤوا‭ ‬أعينهم‭ ‬وأشبعوهم‭ ‬قناعة‭ ‬وحب‭ ‬تم‭ ‬اتركوهم‭ ‬بلا‭ ‬خوف‭ ‬لغدهم‭ ‬والقادم‭ ‬من‭ ‬حياتهم‭ ‬افردوا‭ ‬اجنحتهم‭ ‬ولاتنشغلوا‭ ‬بلحظة‭ ‬طيرانهم‭ ‬
سوف‭ ‬تكون‭ ‬السماء‭ ‬سقفهم‭ ‬ولن‭ ‬تتوقف‭ ‬أجنحتهم‭ ‬عن‭ ‬الخفقان‭ ‬ورسم‭ ‬اجمل‭ ‬عرض‭ ‬بلا‭ ‬منازع‭ ‬عن‭ ‬الثقة‭ ‬والحرية‭ ‬والحب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى