كتاب الرائ

الجنون والإبداع

الجنون والإبداع

محمد ابوالقاسم الككلي

نقول في اللغة العربية جنه الليل أي ستره واظلم عليه، وجن الرجل  ( في المجهول ) ،جنا وجنونا أي زال عقله أو فسد أو دخلته الجن فهو مجنون  ( محيط المحيط )

والجنون كما جاء تعريفه في موسوعة الفلسفة العربية يقترب من المفاهيم القديمة الشائعة في مختلف المجتمعات، فالمجنون هو ذاك الانسان الذي فقد عقله ودخلته الشياطين اي انه فقد طبيعته الإنسانية وتحول إلى كائن خطير قد حلت عليه اللعنة، لذا كان الضرب الجسدي أحد الوسائل المستخدمة لطرد الشياطين منه ‘

أن صورة الجنون وما يرافقها من خوف وغموض ما تزال حتى الآن حاضرة في أذهان الكثيرين من الناس حيث  كل ما يعرفونه هو أن المجنون انسان مخيف يضرب ويقتل ويحطم كل ما يعترض طريقه، انه يشبه الوحش المفترس ‘

أن كلمة الجنون سبقت ظهور الطب النفسي الذي بدأ في القرن التاسع عشر، فالجنون كلمة غامضة وهي لا تشكل كيانا طبيا واضحا، أي لا يوجد مرض محدد المعالم والعوارض اسمه الجنون، ومما لا شك فيه أن أطباء الأمراض النفسية لا يستخدمون كلمة  ( جنون ) عندما يصنفون الأمراض النفسية أو عند تشخيصهم المرض ‘

إذن يمكن القول إن الجنون ليس مرضا محددا، انه كما يقول علماء النفس حالة مغايرة للعقل والمنطق والغرابة، بحيث يعجز العقل أن يصمد أمامها أو ينتصر عليها أو أن يجد لها التفسير الصحيح، من هنا كان الخوف الغامض الذي كان يدفع بالمسؤولين إلى اعتقال المجانين وعزلهم وتكبيلهم بالحديد، وضربهم، وكأنهم صورة للشر يهدد سلامة الآخرين ‘

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى