كتاب الرائ

الأمراض وأسبابها


إن إنتشار الأمراض المعدية والمزمنة والخطيرة في معظمها من صنع الإنسان ، وبالإمكان تجنبها ، والحفاظ على الصحة وتحسينها مسؤولية الفرد والمجتمع والدولة ، وللأسف بلادنا تمر بأزمات بيئية وصحية واجتماعية واقتصادية خطيرة ، تفاقم من حجم وتنوع الأمراض المعدية والمزمنة ، ومنها أمراض ناتجة من الصرف الصحي العشوائي في البحر والبر والأراضي الزراعية ، وأمراض ناتجة من تكدس القمامة والمخلفات الصناعية ونفايات المستشفيات بمكبات داخل المدن وبين المساكن وبالأراضي الزراعية ، ومخالفة لادنى المعايير ، وتفتقد لإعادة التدوير الصحي ، وأمراض ناتجة من الأغذية الفاسدة والملوثة والمصنعة ، والأدوية المغشوشة والمنتهية الصلاحية ، والمياه الغير صالحة ، والمنتجات الزراعية والحيوانية غير الصحية ، وأمراض ناتجة من تلوث الهواء والمياه والتربة ، وأخرى نتيجة أنماط الحياة السيئة والضارة ، ومنها التدخين والمخدرات والكحوليات ، والافراط في الأكل ، وعدم ممارسة الرياضة ، وأمراض ناتجة من التوتر والقلق والاضطرابات ، والخوف والرعب وفقدان الأمن والأمان ، والتفكك الأسري والتشتت المجتمعي ، والظلم وغياب الإنصاف وضياع الحقوق ، وتفشي الفساد والاحقاد والكراهية ، كل هذا وغيره يؤدي للتعرض والإصابة بالأمراض المعدية والمزمنة والخطيرة والمستعصية ، والأمراض النفسية والعقلية ، لما لها وبها من أضرار جسيمة على الصحة والبيئة ، وتساهم بشكل كبير في إرتفاع مؤشرات الأمراض بشتى أنواعها التي تدمر صحة وحياة الناس ، وتدمر التنوع البيولوجي ، وتشوه المشهد الحضري ، وتضرب الاقتصاد وتسبب خسائر مادية كبيرة مباشرة وغير مباشرة لارتفاع تكلفة العلاج وتدني لإنتاجية الفرد والمجتمع ، وإذا إستمرت الأوضاع على حالها ولم تتخد الإجراءات العاجلة والعلمية لمعالجة الصرف الصحي ، وتدوير القمامة والمخلفات بشكل صحي ، وإيقاف جميع المكبات العشوائية ، والعمل على تنفيذ برامج مجدية وعملية وصحية في فرز وجمع ونقل وتدوير القمامة والمخلفات من مصدرها حتى آخر نقطة في معالجتها واستخدامها الآمن ، وكذلك في معالجة مخلفات المستشفيات والمصانع والادوية والمبيدات ، وان لم يتم التوقف عن التجريف ، والصرف الصحي ورمي القمامة والمخلفات في البحر والأودية والأنهار والأراضي الزراعية ، وتجفيف البرك والمستنقعات ، وقفل جميع الآبار السطحية المنتشرة بالبيوت ، وكذلك الآبار السوداء التي لوثت القرى والمدن والمياه الجوفية ، وإقفال جميع الأنشطة التجارية والصناعية والاقتصادية الضارة بالصحة والبيئة والمناخ ، وضرورة إعادة النظر في التخطيط العمراني والبيئات المعيشية ، والاسواق وطبيعتها وتصنيفها ، وتشديد الرقابة على كافة الأنشطة والسلع والخدمات ، وتجريم كل ما يهدد صحة وحياة الناس والبيئة ، والمحافظة الدائمة على النظافة العامة ، والتوسع في الغطاء النباتي والزراعة العضوية ، وتكثيف التوعية المجتمعية الصحية والبيئية ، ودمج ما يخصهما بالمناهج التعليمية ، والعمل على النهوض بالنظام الصحي الذي يؤمن برامج الانذار المبكر والترصد للأوبئة والأمراض والتلوث البيئي ، والقيام بالمسوحات الطبية ، والكشف المبكر والدوري لجميع شرائح المجتمع ، وسرعة العمل على تنفيذ مراكز الرعاية الصحية الموحدة والجامعة للصحة الواحدة ، ورقمنة النظام الصحي ، والتسجيل الوطني للامراض ، وتوفير الخدمات الصحية الاستباقية والتنبؤية والوقائية والرعاية الصحية الاولية ، والخدمات الاستشفائية الحديثة المتطورة تجهيزا وكوادر مؤهلة وجودة عالية ، إن المسؤولية جماعية على الفرد والمجتمع والدولة ، والتراخي في ذلك سوف تمتد الكوارث الصحية والأمراض الخطيرة الى الاجيال القادمة ، وتتراجع المؤشرات الصحية ، وتنعكس على ألأمن الصحي والغذائي ، والتنمية والاستقرار المجتمعي .
إن الصحة تبدأ من قطرة ماءً نظيفة ، وهواء نقي ، ولقمة آمنة ، وإن الأرض الملوثة ، والأسواق الفاسدة ، والضمائر الغائية ، والرقابة المفقودة حصادهم أمراض فتاكة ..
د.علي المبروك أبوقرين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى